أحاديث أم المؤمنين عائشة - السيد مرتضى العسكري - ج ١ - الصفحة ٢٤٥
قال: لأنك قسمت ما في المعسكر، وتركت الأموال والنساء والذرية..
فقال علي: يا أخا بكر! إنك امرؤ ضعيف الرأي، أو ما علمت أنا لا نأخذ الصغير بذنب الكبير (*)، وأن الأموال كانت لهم قبل الفرقة، وتزوجوا على رشده، وولدوا على الفطرة، وإنما لكم ما حوى عسكرهم، وما كان في دورهم فهو ميراث لذريتهم، فإن عدا علينا أحد منهم أخذناه بذنبه، وإن كف عنا لم نحمل عليه ذنب غيره، يا أخا بكر! لقد حكمت فيهم بحكم رسول الله صلى الله عليه وآله في أهل مكة، قسم ما حوى العسكر، ولم يعرض لما سوى ذلك، وإنما اتبعت أثره حذو النعل بالنعل. يا أخا بكر! أما علمت أن دار الحرب يحل ما فيها؟ وأن دار الهجرة يحرم ما فيها إلا بحق، فمهلا مهلا رحمكم الله، فإن أنتم لم تصدقوني وأكثرتم علي وذلك أنه تكلم في هذا غير واحد فأيكم يأخذ أمه عائشة بسهمه؟!
قالوا: لا. أينا يا أمير المؤمنين! بل أصبت وأخطأنا، وعلمت وجهلنا، ونحن نستغفر الله. وتنادى الناس من كل جانب: أصبت يا أمير المؤمنين!
أصاب الله بك الرشاد والسداد.
فقام عمار، فقال: يا أيها الناس! إنكم والله إن اتبعتموه وأطعتموه لم يضل بكم عن منهاج نبيكم قيد شعرة، وكيف يكون ذلك وقد استودعه رسول الله صلى الله عليه وآله المنايا والوصايا وفصل الخطاب على منهاج هارون بن عمران، إذ قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. فضلا خصه الله به إكراما منه لنبيه صلى الله عليه وآله حيث أعطاه ما لم يعطه أحدا من خلقه.
ثم قال علي: انظروا رحمكم الله ما تؤمرون به فامضوا له. فإني حاملكم إن شاء الله إن أطعتموني على سبيل الجنة، وإن كانت ذا مشقة شديدة ومرارة عتيدة.. (269) وأما عائشة فقد أدركها رأي النساء، وشئ كان

* يعني أنه لا يسترق المسلم الصغير والمرأة الحرة المسلمة بذنب الأب والزوج الباغي.
(٢٦٩) قد ورد في نهج البلاغة ١ / 63: يغلي في صدرها.
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»