الجمل وقال: تقدم، فتقدمت حتى لم أجد متقدما إلا على رمح، قال تقدم لا أم لك. فتكأكأت (*) وقلت: لا أجد متقدما إلا على سنان رمح فتناول الراية من يدي متناول لا أدري من هو فنظرت فإذا أبي بين يدي وهو يقول:
أنت التي غرك مني الحسنى * يا عيش إن القوم قوم أعدا الخفض خير من قتال الأبناء الموت حول الخطام:
وكان كعب بن سور يوم الجمل آخذا بخطام جمل عائشة وفي عنقه المصحف وفي يده عصا فجاءه سهم غرب فقتله (242).
تكأكأت: نكصت.
(242) " غرت " بفتحتين و " غرب " بفتحة وسكون: سهم لأي يدرى من رماه. (لسان العرب).
وكعب بن سور هو ابن بكر بن عبد الأزدي من القسامل من بني لقيط، أسلم في عهد النبي ولم يصحبه فعدوه من التابعين قال ابن عبد البر: بعثه عمر بن الخطاب قاضيا على البصرة لخبر عجيب مشهور له معه: وحكى هو وغيره وقال:
إن كعبا كان جالسا عند عمر إذ جاءت امرأة فقالت: ما رأيت رجلا أفضل من زوجي انه ليبيت ليله قائما ويظل نهاره صائما في اليوم الحار ما يفطر فاستغفر لها عمر وأثنى عليها وقال: مثلك أثنى بالخير وقاله، فاستحيت المرأة وقامت راجعة فقال كعب: يا أمير المؤمنين هلا أعديت المرأة على زوجها إذا جاءتك تستعديك؟ فقال: أكذلك أرادت؟ قال: نعم، قال: ردوا المرأة على زوجها، فقال لها: لا بأس بالحق أن تقوليه ان هذا يزعم أنك جئت تشتكين أنه يجتنب فراشك، قال: أجل! إني امرأة شابة وإني أبتغي ما تبتغي النساء.
فأرسل إلى زوجها فجاء فقال لكعب: اقض بينهما، فقال أمير المؤمنين أحق، فقال:
عزمت عليك لتقضين بينهما فإنك فهمت من أمرها ما لم أفهم فقضى لها يوما وليلة من أربع، فقال عمر: والله ما رأيك الأول بأعجب من الآخر، اذهب فأنت قاض على أهل البصرة. فلم يزل قاضيا حتى قتل يوم الجمل.
راجع في ما ذكرناه عن كعب: (*)