أحاديث أم المؤمنين عائشة - السيد مرتضى العسكري - ج ١ - الصفحة ٢٠١
فقال الأحنف: إنهم جاءوك للطلب بدم عثمان، وهم الذين ألبوا على عثمان الناس وسفكوا دمه، أراهم والله لا يزايلونا حتى يلقوا العداوة بيننا، ويسفكوا دماءنا، وأظنهم والله سيركبون منك خاصة ما لا قبل لك به إن لم تتأهب لهم بالنهوض إليهم في من معك من أهل البصرة، فإنك اليوم الوالي عليهم، وأنت فيهم مطاع، فسر إليهم بالناس وبادرهم قبل أن يكونوا معك في دار واحدة، فيكون الناس لهم أطوع منهم لك.
فقال عثمان بن حنيف: الرأي ما رأيت. لكنني أكره الشر، وأن أبدأهم به، وأرجو العافية والسلامة إلى أن يأتيني كتاب أمير المؤمنين ورأيه فأعمل به.
ثم أتاه بعد الأحنف. حكيم بن جبلة من بني عمرو بن وديعة، فأقرأه كتاب طلحة والزبير، فقال له مثل قول الأحنف، وأجابه عثمان بمثل جوابه للأحنف فقال له حكيم: فأذن لي حتى أسير إليهم بالناس، فإن دخلوا في طاعة أمير المؤمنين وإلا نابذتهم على سواء.
فقال عثمان: لو كان ذلك رأيي لسرت إليهم بنفسي.
قال حكيم: والله لو دخلوا عليك هذا المصر لينتقلن قلوب كثير من الناس إليهم وليزيلنك عن مجلسك هذا، وأنت أعلم فأبى عليه عثمان.
قال: وكتب علي إلى عثمان لما بلغه مشارفة القوم البصرة:
من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى عثمان بن حنيف. أما بعد. فإن البغاة عاهدوا الله، ثم نكثوا، وتوجهوا إلى مصرك، وساقهم الشيطان لطلب مالا يرضى الله به، والله أشد بأسا وأشد تنكيلا، فإذا قدموا عليك فادعهم إلى الطاعة والرجوع إلى الوفاء بالعهد، والميثاق الذي فارقونا عليه، فإن أجابوا فأحسن جوارهم ما داموا عندك، وإن أبوا إلا التمسك بحبل النكث والخلاف، فناجزهم القتال حتى يحكم الله بينك وبينهم، وهو خير الحاكمين.
وكتبت كتابي هذا إليك من الربذة وأنا معجل المسير إليك إن شاء الله.
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»