أحاديث أم المؤمنين عائشة - السيد مرتضى العسكري - ج ١ - الصفحة ٢٠٥
فقالا: ما بايعناه، وما لأحد في أعناقنا بيعة، وإنما استكرهنا على بيعته.
فقال ناس: قد صدقا، وأحسنا القول، وقطعنا بالثواب، وقال ناس:
ما صدقا، ولا أصابا في القول، حتى ارتفعت الأصوات، قال: ثم أقبلت عائشة على جملها، فنادت بصوت مرتفع: أيها الناس! أقلوا الكلام واسكتوا، فأسكت الناس لها، فقالت:
إن أمير المؤمنين عثمان قد كان غير وبدل ثم لم يزل يغسل ذلك بالتوبة حتى قتل مظلوما تائبا، وإنما نقموا عليه ضربة بالسوط وتأميره الشبان، وحمايته موضع الغمامة، فقتلوه محرما في حرمة الشهر، وحرمة البلد. ذبحا كما يذبح الجمل، ألا وإن قريشا رمت غرضها بنبالها، وأدمت أفواهها بأيديها، وما نالت بقتلها إياه شيئا، ولا سلكت به سبيلا قاصدا. أما والله ليرونها بلايا عقيمة تنبه النائم، وتقيم الجالس، وليسلطن عليهم قوم لا يرحمونهم يسومونهم سوء العذاب، أيها الناس! إنه ما بلغ من ذنب عثمان ما يستحل به دمه، مصتموه كما يماص الثوب الرحيض (*) ثم عدوتهم عليه، فقتلتموه بعد توبته وخروجه من ذنبه، وبايعتم ابن أبي طالب بغير مشورة من الجماعة، ابتزازا وغصبا، أترونني أغضب لكم من سوط عثمان ولسانه، ولا أغضب لعثمان من سيوفكم!؟ الا إن عثمان قتل مظلوما، فاطلبوا قتلته، فإذا ظفرتم بهم فاقتلوهم، ثم اجعلوا الامر شورى بين الرهط الذين اختارهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ولا يدخل فيهم من شرك في دم عثمان.
قال: فماج الناس واختلطوا، فمن قائل يقول: القول ما قالت، ومن قائل يقول: وما هي وهذا الامر؟ إنما هي امرأة مأمورة بلزوم بيتها، وارتفعت الأصوات، وكثر اللغط، حتى تضاربوا بالنعال، وتراموا بالحصا. ثم إن الناس تمايزوا فصاروا فريقين: فريق مع عثمان بن حنيف، وفريق مع عائشة

* الموص: الغسل اللين، والدلك باليد. والرخيص: المغسول.
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»