أحاديث أم المؤمنين عائشة - السيد مرتضى العسكري - ج ١ - الصفحة ٢١٢
استمداد علي من الكوفة وخطبته فيهم:
أما علي فقد كان أرسل ابنه الحسن إلى أهل الكوفة يستنفرهم، فلما قدموا إليه قام فيهم خطيبا فقال:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وآخر المرسلين، أما بعد. فإن الله بعث محمدا صلى الله عليه وآله إلى الثقلين كافة، والناس في اختلاف والعرب بشر المنازل، مستضعفون لما بهم، فرأب الله به الثأي (*)، ولام به الصدع (*)، ورتق به الفتق، وأمن به السبيل، وحقن به الدماء، وقطع به العداوة الموغرة (*) للقلوب، والضغائن المشحنة (*) للصدور، ثم قبضه الله تعالى مشكورا سعيه، مرضيا عمله، مغفورا ذنبه، كريما عند الله نزله. فيا لها من مصيبة عمت المسلمين، وخصت الأقربين، وولي أبو بكر فسار فينا بسيرة رضا، رضي بها المسلمون. ثم ولي عمر فسار بسيرة أبي بكر رضي الله عنهما. ثم ولي عثمان فنال منكم ونلتم منه. ثم كان من أمره ما كان، أتيتموه فقتلتموه، ثم أتيتموني فقلتم: لو بايعتنا؟ فقلت: لا أفعل، وقبضت يدي فبسطتموها، ونازعتكم كفي فجذبتموها وقلتم: لا نرضى إلا بك، ولا نجتمع إلا عليك، وتراكمتم علي تراكم الإبل الهيم على حياضها يوم ورودها، حتى ظننت أنكم قاتلي وأن بعضكم قاتل بعضا، فبايعتموني، وبايعني طلحة والزبير، ثم ما لبثا أن استأذناني إلى العمرة. فسارا إلى البصرة فقاتلا بها المسلمين، وفعلا بها الأفاعيل، وهما يعلمان والله أني لست بدون من مضى، ولو أشاء أن أقول لقلت: اللهم إنهما قطعا قرابتي، ونكثا بيعتي، وألبا

* رأب الله بن الثأي: أصلح به الفساد.
* لام به الصدع: أصلحه.
* الموغرة: الموقدة في الصدر.
* المشحنة أي الموغرة، يقال شحن عليه، كفرح - إذا حقد.
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»