أني لم أرد البيعة حتى أكرهت عليها، وأنتما ممن رضي ببيعتي، فإن كنتما بايعتما طائعين فتوبا إلى الله تعالى، وارجعا عما أنتما عليه، وإن كنتما بايعتما مكرهين، فقد جعلتما لي السبيل عليكما بإظهاركما الطاعة وكتمانكما المعصية.
وأنت يا طلحة! يا شيخ المهاجرين! وأنت يا زبير! يا فارس قريش! ودفعكما هذا الامر قبل أن تدخلا فيه فكان أوسع لكما من خروجكما منه بعد إقراركما، وأنت يا عائشة! فإنك خرجت من بيتك عاصية لله ولرسوله تطلبين أمرا كان عنك موضوعا، ثم تزعمين أنك تريدين الاصلاح بين المسلمين فخبريني ما للنساء وقود الجيوش والبروز للرجال والوقوع بين أهل القبلة، وسفك الدماء المحترمة؟ ثم إنك طلبت على زعمك دم عثمان، وما أنت وذاك وعثمان رجل من بني أمية وأنت من تيم؟! ثم أنت بالأمس تقولين في ملا من أصحاب رسول الله: اقتلوا نعثلا فقد كفر، ثم تطلبين اليوم بدمه! فأتقي الله وارجعي إلى بيتك، واسبلي عليك سترك والسلام.
فما أجابوه بشئ.
وفي رواية أخرى (201) فأجابت:
" يا ابن أبي طالب! جل الامر عن العتاب، ولن ندخل في طاعتك أبدا فاقض ما أنت قاض والسلام ".
وفي تاريخ ابن أعثم: أن طلحة والزبير لم يكتبا إليه ولكنهما أجاباه " إنك سرت مسيرا له ما بعده، ولست راجعا وفي نفسك منه حاجة، فامض لأمرك. أما أنت فلست راضيا دون دخولنا في طاعتك، ولسنا بداخلين فيها أبدا فاقض ما أنت قاض ".
وقد روى المؤرخ الواسع الاطلاع بأخبار العراق أبو مخنف لوط بن يحيى