سرح، فدخلوا مسجد الرسول فرأوا فيها جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله من المهاجرين والأنصار، فسلموا عليهم، فسألتهم الصحابة عما أقدمهم من مصرهم، فقالوا: ظلم والينا، وفساده، فقال لهم علي: لا تعجلوا في أمركم، واعرضوا على الامام شكواكم، فلعل عاملكم عمل برأيه فيكم.
إذهبوا إلى الخليفة واشرحوا له ما ساءكم من عاملكم، فان أنكر عليه وعذله أصبتم بغيتكم، وإن لم يفعل وأقره على ما هو عليه، رأيتم أمركم، فدعا له المصريون وقالوا: أصبت القول فنرجو أن تحضر مجلسنا عنده، فقال:
لا حاجة في ذلك فالامر يتم بحضوركم عنده، فقالوا: وإن كان الامر كذلك غير أنا نرغب أن تحضر وتشهد، فقال علي: يشهدكم من هو أقوى مني وأعظم من جميع المخلوقين وأرحم على عباده.
فذهب أشراف مصر إلى دار عثمان واستأذنوا للدخول عليه، فلما أذن لهم ودخلوا عليه أكرمهم وأجلسهم إلى جنبه، ثم سألهم وقال: ما الذي أقدمكم؟
وما دهاكم فقدمتم دونما رخصة مني أو من عاملي!؟
فقالوا: جئنا نستنكر منك ما يصدر منك، ونؤاخذك بما يصدر من عاملك.
ثم ذكر ابن أعثم ما جرى بينهم من حجاج وأقوال.
محنة المسلمين وموقف علي منها:
وكان نتيجة شكوى أهل مصر ما ذكره البلاذري (80) حيث قال:
لما ولي عثمان كره ولايته نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله لان عثمان كان يحب قومه، فولي الناس اثنتي عشرة حجة، وكان كثيرا ما يولي من بني أمية من لم يكن له مع النبي صلى الله عليه وآله صحبة فكان يجئ من أمرائه ما ينكره أصحاب محمد صلى الله عليه وآله، وكان يستعتب فيهم فلا يعزلهم، فلما كان في الست الأواخر