أحاديث أم المؤمنين عائشة - السيد مرتضى العسكري - ج ١ - الصفحة ١٤٩
ما لن أكذب عليه. قال: فأعرض عنها مروان ثم قال: يا أمير المؤمنين! أتكلم أم أصمت؟ قال: بل تكلم. فقال مروان: بأبي أنت وأمي والله لوددت أن مقالتك هذه كانت وأنت ممتنع منيع فكنت أول من رضي بها وأعان عليها ولكنك قلت ما قلت حين بلغ الحزام الطبيين (*)، وخلف السيل الزبى (*)، وحين أعطى الخطة الذليلة الذليل والله لإقامة على خطيئة تستغفر الله منها أجمل من توبة تخوف عليها وإنك إن شئت تقربت بالتوبة ولم تقرر بالخطيئة، وقد اجتمع عليك بالباب مثل الجبال من الناس، فقال عثمان: فاخرج إليهم فكلمهم فاني استحيي أن أكلمهم قال: فخرج مروان إلى الباب والناس يركب بعضهم بعضا، فقال: ما شأنكم قد اجتمعتم! كأنكم قد جئتم للنهب!؟ شاهت الوجوه! كل إنسان آخذ بإذن صاحبه إلا من أريد؟ جئتم تريدون أن تنزعوا ملكنا من أيدينا!؟ أخرجوا عنا. أما والله لئن رمتمونا ليمرن عليكم منا أمر لا يسركم ولا تحمدوا غب رأيكم، ارجعوا إلى منازلكم فانا والله ما نحن مغلوبين على ما في أيدينا. قال: فرجع الناس وخرج بعضهم حتى أتى عليا فأخبره الخبر فجاء علي (ع) مغضبا حتى دخل على عثمان، فقال:
أما رضيت من مروان ولا رضي منك إلا بتحرفك عن دينك وعن عقلك مثل جمل الظعينة يقاد حيث يسار به! والله ما مروان بذي رأي في دينه ولا نفسه، وأيم الله إني لأراه سيوردك ثم لا يصدرك، وما أنا بعائد بعد مقامي هذا لمعاتبتك، أذهبت شرفك وغلبت على أمرك.
فلما خرج علي دخلت عليه نائلة بنت الفرافضة امرأته، فقالت: أتكلم أم أسكت؟ فقال: تكلمي. فقالت: قد سمعت قول علي لك، وإنه ليس يعاودك وقد أطعت مروان يقودك حيث شاء، قال: فما أصنع؟ قالت: تتقي الله وحده لا شريك له وتتبع سنة صاحبيك من قبلك، فإنك متى أطعت مروان قتلك،

* أصل المثل: جاوز الحزام الطبيين. والطبي: حلمة الضرع، وهو كناية عن المبالغة في تجاوز حد الشر والأذى.
* أصل المثل: بلغ السيل الزبى، وهي جمع زبية وهي الرابية التي لا يعلوها الماء.
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»