فأبغضه، وحقر شيئا فحقره، وصغر شيئا فصغره. ولو لم يكن فينا إلا حبنا ما أبغض الله ورسوله، وتعظيمنا لما صغر الله ورسوله لكفى به شقاقا لله ومحادة عن أمر الله (1) ولقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأكل على الأرض، ويجلس جلسة العبد، ويخصف بيده نعله، ويرقع بيده ثوبه، ويركب الحمار العاري ويردف خلفه ويكون الستر على باب بيته فتكون فيه التصاوير فيقول: " يا فلانة - لإحدى أزواجه - غيبيه عني، فإني إذا نظرت إليه ذكرت الدنيا وزخارفها ". فأعرض عن الدنيا بقلبه، وأمات ذكرها من نفسه، وأحب أن تغيب زينتها عن عينه، لكي لا يتخذ منها رياشا (2) ولا يعتقدها قرارا، ولا يرجو فيها مقاما. فأخرجها من النفس، وأشخصها عن القلب، وغيبها عن البصر، وكذلك من أبغض شيئا أبغض أن ينظر إليه وأن يذكر عنده (3).
33 - وفي الكافي: مسندا عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما أعجب رسول الله (صلى الله عليه وآله) شئ من الدنيا إلا أن يكون فيها جائعا خائفا (4).
أقول: وروي هذا المعنى أيضا مسندا عن هشام وغيره عنه (عليه السلام) (5).
34 - وعن الطبرسي في الاحتجاج: عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي (عليهم السلام) - في خبر طويل يذكر فيه حالاته (صلى الله عليه وآله) -: وكان يبكي حتى يبتل مصلاه خشية من الله عز وجل من غير جرم (6) الخبر.
35 - وفي المناقب: وكان (صلى الله عليه وآله) يبكي حتى يغشى عليه، فقيل له: أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: أفلا أكون عبدا شكورا. وكذلك كان غشيات علي بن أبي طالب وصيه في مقاماته (7).