أرسلني إليك بهدية، لم يعطها أحدا قبلك، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما هي؟ قال: الصبر وأحسن منه، قال: وما هو؟ قال: الرضا وأحسن منه. قال: وما هو؟ قال: الزهد وأحسن منه. قال: وما هو؟ قال: الإخلاص وأحسن منه. قال: وما هو؟ قال: اليقين وأحسن منه. قال: قلت: ما هو يا جبرئيل؟ قال: إن مدرجة ذلك التوكل على الله عز وجل، فقلت: وما التوكل على الله؟ - قال: العلم بأن المخلوق لا يضر ولا ينفع، ولا يعطي ولا يمنع، واستعمال اليأس من الخلق، فإذا كان العبد كذلك لا يعمل لأحد سوى الله ولم يرج ولم يخف سوى الله ولم يطمع في أحد سوى الله فهذا هو التوكل.
قال: قلت: يا جبرئيل فما تفسير الصبر؟ قال: يصبر في الضراء كما يصبر في السراء. وفي الفاقة كما يصبر في الغنى، وفي البلاء كما يصبر في العافية، فلا يشكو حاله - بما يصيبه من البلاء.
قلت: فما تفسير القناعة؟ قال: يقنع بما يصيبه من الدنيا، يقنع بالقليل ويشكر اليسير.
قلت: فما تفسير الرضا؟ قال: الراضي لا يسخط على سيده، أصاب من الدنيا أم لم يصب، ولا يرضى لنفسه باليسير من العمل.
قلت: فما تفسير الزهد؟ قال: يحب من يحب خالقه، ويبغض من يبغض خالقه، ويتحرج من حلال الدنيا ولا يلتفت إلى حرامها، فإن حلالها حساب وحرامها عقاب، ويرحم جميع المسلمين كما يرحم نفسه، ويتحرج من الكلام كما يتحرج من الميتة التي قد اشتد نتنها، ويتحرج من حطام الدنيا وزينتها كما يتجنب النار أن تغشاه، وأن يقصر أمله، وكأن بين عينيه أجله.
قلت: يا جبرئيل فما تفسير الإخلاص؟ قال: المخلص الذي لا يسأل الناس شيئا حتى يجد، وإذا وجد رضي، وإذا بقي عنده شئ أعطاه في الله، فإن لم يسأل المخلوق فقد أقر لله بالعبودية، وإذا وجد فرضي فهو عن الله راض، والله تبارك وتعالى عنه راض، وإذا أعطى الله عز وجل فهو على حد الثقة بربه.