جعله أعرابيا بعد الهجرة، وهو مقتضى إعلام النبوة في إخبار رسول الله صلى الله عليه وآله إياه بأنه سوف يخرج من المدينة، ويطرد من مكة والشام، وأما خبر الشام فقد مر إخراجه إليها ولم يكن ذلك باختياره أيضا.
3 وأما حديث بلوغ البناء السلع فإفك مفترى على أم ذر وقد جاء في مستدرك الحاكم 3: 344، وذكره البلاذري كما مر في ص 293 ورآه سبب خروج أبي ذر إلى الشام بإذن عثمان لا سبب خروجه إلى الربذة كما في حديث الطبري.
على إن ابن كثير أخذه من الطبري في التاريخ وجل ما عنده إنما هو ملخص ما فيه مع التصرف فيه على ما يروقه، وإسناد الرواية في التاريخ رجاله بين كذاب وضاع وبين مجهول لا يعرف إلى ضعيف متهم بالزندقة كما أسلفناه في ص 84، 140، 141 327 وهم:
1 السري 2 شعيب 3 سيف 4 عطية 5 يزيد الفقعسي.
وحديث يكون في إسناده أحد من هؤلاء لا يعول عليه، وعلى فرض اعتباره فإنه لا يقاوم الصحاح المعارضة له الدالة على إخبار رسول الله صلى الله عليه وآله بأنه يخرج ويطرد من مكة والمدينة والشام: راجع ص 316 319 وهي معتضدة بما مر عن أبي ذر وعثمان وغيرهما في تسيير عثمان إياه، أضف إليها الأعذار الباردة الواردة عن أعلام القوم في تبرير عثمان عن هذا الوزر الشائن.
4 وأما ما ذكره من أمر عثمان أبا ذر أن يتعاهد المدينة حتى لا يرتد أعرابيا فإنه من جملة تلك الرواية المكذوبة التي تشمل على حديث السلع، وقد مر من طريق البلاذري بإسناد صحيح في ص 294 قول أبي ذر: ردني عثمان بعد الهجرة أعرابيا.
على إنه لم يذكر أحد إن أبا ذر قدم المدينة خلال أيام نفيه من سنة ثلاثين إلى وفاته سنة اثنتين وثلاثين حتى يكون ممتثلا لأمر عثمان بالتعاهد.
5 ما ذكره من إنه جاء في فضله أحاديث كثيرة من أشهرها. الخ.
إن شنشنة الرجل في الفضائل إنه إذا قدم لسرد تاريخ من يهواه من الأمويين ومن انضوى إليهم من رواد النهم جاء بأشياء كثيرة وسرد التافه الموضوع في صورة الصحاح من غير تعرض لإسنادها أو تعقيب لمضامينها، ولا يمل من تسطيرها وإن