ما بال الخليفة يعطي مروان أزمه أموره ويشذ عن السيرة الصالحة حتى توبخه زوجته نائلة بنت الفرافصة؟ وتقول: قد أطعت مروان يقودك حيث شاء، قال: فما اصنع قالت. تتقي الله وتتبع سنة صاحبيك، فإنك متى أطعت مروان قتلك، ومروان ليس له عند الناس قدر ولا هيبة ولا محبة، وإنما تركك الناس لمكانه، فأرسل إلى علي فاستصلحه فإن له قرابة وهو لا يعصى (1) ليت الخليفة كانت له أذن واعية تسمع من بنت الفرافصة كلمتها الحكمية التي كانت فيها نجاته في النشأتين.
كان من صالح الخليفة أن يدني إليه أبا ذر فيستفيد بعلمه وخلقه ونسكه وأمانته وثقته وتقواه وزهده لكنه لم يفعل، وماذا كان يجديه لو فعل؟ وحوله الأمويون وهو المتفاني في حبهم وهم لا يرون ذلك الرأي السديد لأنه على طرف النقيض مما حملوه من النهمة والشره، واكتناز الذهب والفضة، والسير مع الهوى والشهوات، وهم المسيطرون على رأي الخليفة وأبو سفيان يقول: يا بني أمية تلقفوها تلقف الكرة فوالذي يحلف به أبو سفيان ما زلت أرجوها لكم ولتصيرن إلى صبيانكم وراثة. أو يقول لعثمان:
صارت إليك بعد تيم وعدي فأدرها كالكرة واجعل أوتادها بني أمية فإنما هو الملك ولا أدري ما جنة ولا نار. " راجع ص 285 ".
وعثمان وإن زبره تلك الساعة لكنه لم يعد رأيه في بني أمية المتلاعبين بالدين لعبهم بالاكر، ولا أدري هل تهجس في تأديب أبي سفيان على ذلك القول الإلحادي الشائن كما تهجس وفعل في أبي ذر البر التقي، ومن يماثله من الصلحاء الأتقياء؟.
لقد فات ابن الأثير كل هذا فاعتذر عن الرجل بأن الخليفة يؤدب رعيته.
عماد الدين ابن كثير جاء ابن كثير الدمشقي في البداية والنهاية 7: 155 فبنى على أساس ما علاه من قبله في حذف ما كان هنالك من هنات وزاد في الطنبور نغمات قال: كان أبو ذر ينكر على من يقتني مالا من الأغنياء ويمنع أن يدخر فوق القوت ويوجب أن يتصدق بالفضل ويتأول قول الله سبحانه وتعالى: والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم. فينهاه معاوية عن إشاعة ذلك فلا يمتنع فبعث يشكوه إلى عثمان