الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ٢٨١
أوحي إلي ولم يوح إليه شئ ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله. الآية (الأنعام 93) أطبق المفسرون على إن المراد بقوله: سأنزل مثل ما أنزل الله هو عبد الله بن أبي سرح وسبب ذلك فيما ذكروه: أنه لما نزلت الآية التي في المؤمنين: ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين. دعاه النبي صلى الله عليه وآله فأملاها عليه فلما انتهى إلى قوله: ثم أنشأناه خلقا آخر. عجب عبد الله في تفصيل خلق الانسان فقال: تبارك الله أحسن الخالقين. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: هكذا أنزلت علي، فشك عبد الله حينئذ وقال: لئن كان محمد صادقا لقد أوحي إلي كما أوحي إليه، وإن كان كاذبا لقد قلت كما قال. فارتد عن الاسلام ولحق بالمشركين فذلك قوله: ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله.
راجع الأنساب للبلاذري 5: 49، تفسير القرطبي 7: 40، تفسير البيضاوي 1:
391، كشاف الزمخشري 1: 461، تفسير الرازي 4: 96، تفسير الخازن 2: 37، تفسير النسفي هامش الخازن 2؟ 37، تفسير الشوكاني 2: 133، 135 نقلا عن ابن أبي حاتم، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن جريج، وابن جرير، وأبي الشيخ.
كان الرجل أموي النزعة والنشأة أرضعته وعثمان ثدي الأشعرية فقربته الأخوة من الرضاعة إلى الخليفة، وآثرته نزعاته الأموية على المسلمين، وأوصلته إلى الحظوة والثروة من حطام الدنيا، وحللت له تلك المنحة الطائلة وإن لم تساعد الخليفة على ذلك النواميس الدينية، إذ لم يكن أمر الغنائم مفوضا إليه وإنما خمسها لله ولرسوله ولذي القربى، أدى الرجل شكر تلكم الأيادي بامتناعه عن بيعة علي أمير المؤمنين بعد قتل أخيه الخليفة، والله يعلم منقلبهم ومثواهم.
هذه يسيرة عثمان وسنته في الأموال وفي لسانه قوله على صهوة الخطابة: هذا مال الله أعطيه من شئت وأمنعه من شئت، فأرغم الله أنف من رغم. ولا يصيخ إلى قول عمار يوم ذاك: أشهد الله أن أنفي أول راغم من ذلك.
وبين شفتيه قوله: لنأخذن حاجتنا من هذا الفئ وإن رغمت أنوف أقوام. ولا يعبأ بقول مولانا أمير المؤمنين في ذلك الموقف: إذا تمنع من ذلك ويحال بينك وبينه (1).
نعم: هذا عثمان وهذا قيله، والمشرع الأعظم صلى الله عليه وآله يقول فيما أخرجه البخاري

(1) سيوافيك تفصيل الحديثين في الجزء التاسع إن شاء الله تعالى.
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»