من لم يكن له مع النبي صلى الله عليه وآله صحبة فكان يجئ من امرأته ما ينكره أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وكان يستعتب فيهم فلا يعزلهم، فلما كان في الست الأواخر استأثر ببني عمه فولاهم وولى عبد الله بن أبي سرح مصر، فمكث عليها سنين فجاء أهل مصر يشكونه و يتظلمون منه (إلى أن قال:) فلما جاء أهل مصر يشكون ابن أبي سرح كتب إليه كتابا يتهدده فيه فأبى أن ينزع عما نهاه عثمان عنه، وضرب بعض من كان شكاه إلى عثمان من أهل مصر حتى قتله، فخرج من أهل مصر سبع مائة إلى المدينة فنزلوا المسجد وشكوا ما صنع بهم ابن أبي سرح في مواقيت الصلاة إلى أصحاب محمد، فقام طلحة إلى عثمان فكلمه بكلام شديد، وأرسلت إليه عائشة رضي الله عنها تسأله أن ينصفهم من عامله، ودخل عليه علي بن أبي طالب وكان متكلم القوم فقال له: إنما يسئلك القوم رجلا مكان رجل وقد ادعوا قبله دما فاعزله عنهم واقض بينهم، فإن وجب عليه حق فأنصفهم منه. فقال لهم: اختاروا رجلا أوليه عليكم مكانه. فأشار الناس عليهم بمحمد بن أبي بكر الصديق فقالوا: استعمل علينا محمد بن أبي بكر فكتب عهده على مصر ووجه معهم عدة من المهاجرين والأنصار ينظرون فيما بينهم وبين ابن أبي سرح. وسيأتي تمام الخبر وكتاب عثمان إلى ابن أبي سرح يأمره بالتنكيل بالقوم.
قال الأميني: ابن أبي سرح هذا هو الذي أسلم قبل الفتح وهاجر ثم ارتد مشركا وصار إلى قريش بمكة فقال لهم: إني أضرب محمدا حيث أريد. فلما كان يوم الفتح أمر صلى الله عليه وآله بقتله وأباح دمه ولو وجد تحت أستار الكعبة، ففر إلى عثمان فغيبه حتى أتى به رسول الله بعد ما اطمأن أهل مكة فاستأمنه له فصمت رسول الله صلى الله عليه وآله طويلا ثم قال: نعم فلما انصرف عثمان قال صلى الله عليه وآله لمن حوله: ما صمت إلا ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه وقال رجل من الأنصار: فهلا أومأت إلي يا رسول الله؟ فقال: إن النبي لا ينبغي أن يكون له خائنة الأعين (1).
ونزل القرآن بكفره في قوله تعالى: ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال