فإن كان فدك نحلة؟ فأي مساس بها مروان؟ وأي سلطة عليها لعثمان؟ حتى يقطعها لأحد. ولقد تضاربت أعمال الخلفاء الثلاثة في أمر فدك فانتزعها أبو بكر من أهل البيت عليهم السلام، وردها عمر إليهم، وأقطعها عثمان لمروان، ثم كان فيها ما كان في أدوار المستحوذين على الأمر منذ عهد معاوية وهلم جرا فكانت تؤخذ وتعطى، ويفعلون بها ما يفعلون بقضاء من الشهوات كما فصلناه في الجزء السابع ص 195 719 ط 3 ولم يعمل برواية أبي بكر في عصر من العصور، فإن صانعه الملأ الحضور على سماع ما رواه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وحابوه وجاملوه؟ فقد أبطله من جاء بعده بأعمالهم وتقلباتهم فيها بأنحاء مختلفة.
بل إن أبا بكر نفسه أراد أن يبطل روايته بإعطاء الصك للزهراء فاطمة غير أن ابن الخطاب منعه وخرق الكتاب كما مر في الجزء السابع عن السيرة الحلبية، وبذلك كله تعرف قيمة تلك الرواية ومقدار العمل عليها وقيمة هذا الاقطاع، وسيوافيك قول مولانا أمير المؤمنين في قطائع عثمان.
30 رأي الخليفة في الأموال والصدقات لم تكن فدك ببدع من ساير الأموال من الفئ والغنائم والصدقات عند الخليفة بل كان له رأي حر فيها وفي مستحقيها، كان يرى المال مال الله، ويحسب نفسه ولي المسلمين، فيضعه حيث يشاء ويفعل فيه ما يريد، فقام كما قال مولانا أمير المؤمنين نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع (1).
كان يصل رحمه بمال يستوي فيه المسلمون كلهم، ولكل فرد من الملأ الديني منه حق معلوم للسائل والمحروم، لا يسوغ في شرعة الحق وناموس الاسلام المقدس حرمان أحد من نصيبه وإعطاء حقه لغيره من دون مرضاته.
جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله في الغنائم: لله خمسه وأربعة أخماس للجيش، وما أحد أولى به من أحد، ولا السهم تستخرجه من جنبك، ليس أنت أحق به من أخيك المسلم (2).