الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ٢٣٩
وكان صلى الله عليه وآله إذا جاءه فئ قسمه من يومه فأعطى ذا الأهل حظين، وأعطى العزب حظا (1).
والسنة الثابتة في الصدقات إن أهل كل بيئة أحق بصدقتهم ما دام فيهم ذو حاجة، وليست الولاية على الصدقات للجباية وهملها إلى عاصمة الخلافة وإنما هي للأخذ من الأغنياء والصرف في فقراء محالها، وقد ورد في وصية رسول الله صلى الله عليه وآله معاذا حين بعثه إلى اليمن يدعوهم إلى الاسلام والصلاة أنه قال: فإذا أقروا لك بذلك فقل لهم: إن الله قد فرض عليكم صدقة أموالكم تؤخذ من أغنيائكم فترد في فقرائكم (2) قال عمرو بن شعيب: إن معاذ بن جبل لم يزل بالجند إذ بعثه رسول الله إلى اليمن حتى مات النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ثم قدم على عمر فرده على ما كان عليه فبعث إليه معاذ بثلث صدقة الناس فأنكر ذلك عمر وقال: لم أبعثك جابيا ولا آخذ جزية، ولكن بعثتك لتأخذ من أغنياء الناس فتردها على فقرائهم. فقال معاذ: ما بعثت إليك بشئ وأنا أجد أحدا يأخذه مني. الحديث (3).
ومن كتاب لمولانا أمير المؤمنين إلى قثم بن العباس يوم كان عامله على مكة:
" وانظر إلى ما اجتمع عندك من مال الله فاصرفه إلى من قبلك من ذوي العيال والمجاعة مصيبا به مواضع الفاقة والخلات، وما فضل عن ذلك فاحمله إلينا لنقسمه فيمن قبلنا " نهج البلاغة 2: 128.
وقال عليه السلام لعبد الله بن زمعة لما قدم عليه في خلافته يطلب منه مالا: " إن هذا المال ليس لي ولا لك، وإنما هو فئ للمسلمين وجلب أسيافهم، فإن شركتهم في حربهم كان لك مثل حظهم، وإلا فجناة أيديهم لا تكون لغير أفواههم. " نهج البلاغة 1: 461.
ومن كلام له عليه السلام: " إن القرآن أنزل على النبي صلى الله عليه وآله والأموال أربعة:
أموال المسلمين فقسمها بين الورثة في الفي الفرائض، والفئ فقسمه على مستحقيه، و

(١) سنن أبي داود ٢: ٢٥، مسند أحمد ٦: ٢٩، سنن البيهقي ٦: ٣٤٦.
(٢) صحيح بخاري ٣: ٢١٥، الأموال لأبي عبيد ص ٥٨٠، ٥٩٥، ٦١٢، المحلى ٦: ١٤٦.
(3) الأموال ص 596.
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»