القيامة (1) نعم كان في الجاهلية يحمي الشريف منهم ما يروقه من قطع الأرض لمواشيه وإبله خاصة فلا يشاركه فيه أحد وإن شاركهم هو في مراتعهم، وكان هذا من مظاهر التجبر السائد عندئذ، فاكتسح رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك فيما اكتسحه من عادات الطواغيت و تقاليد الجبابرة فقال صلى الله عليه وآله: لا حمى إلا لله ولرسوله (2) وقال الشافعي في تفسير الحديث: كان الشريف من العرب في الجاهلية إذا نزل بلدا في عشيرته استعوى كلبا فحمى لخاصته مدى عواء الكلب لا يشركه فيه غيره فلم يرعه معه أحد، وكان شريك القوم في سائر المراتع حوله. قال: فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يحمى على الناس حمى كما كانوا في الجاهلية يفعلون. قال:
وقوله: إلا لله ولرسوله. يقول: إلا ما يحمى لخيل المسلمين وركابهم التي ترصد للجهاد ويحمل عليها في سبيل الله وإبل الزكاة كما حمى عمر النقيع (3) لنعم الصدقة و الخيل المعدة في سبيل الله (4).
واستعمل عمر على الحمى مولى له يقال له هنى فقال له: يا هنى ضم جناحك للناس، واتق دعوة المظلوم فإن دعوة المظلوم مجابة، وادخل رب الصريمة ورب الغنيمة، وإياي ونعم ابن عفان (5) ونعم ابن عوف فإنهما إن تهلك يرجعان إلى نخل وزرع، وإن رب الغنيمة والصريمة يأتي بعياله فيقول: يا أمير المؤمنين! أفتاركهم أنا؟ لا أبا لك. الخ (6) كان هذا الناموس متسالما عليه بين المسلمين حتى تقلد عثمان الخلافة فحمى لنفسه دون إبل الصدقة كما في أنساب البلاذري 5: 37، والسيرة الحلبية 2: 87، أو له و لحكم ابن أبي العاص كما في رواية الواقدي، أو لهما ولبني أمية كلهم كما في شرح