الشهفية، عالم فاضل، وأديب كامل، وقد جمع بين الفضيلتين علم غزير وأدب بارع بفكر نابغ، ونظر صائب، ونبوغ ظاهر، وفضل باهر، وجاء في الطليعة من شعراء أهل البيت عليهم السلام، وقصايده الرنانة السائرة الطافحة بالحجاج، الزاهية بالرقايق، المشحونة بالدقايق، المتبلجة بالمحسنات البديعية على جزالة في اللفظ، وحصافة في المعنى، ومتانة في الأسلوب، وقوة في المبنى، ورصانة في النضد، ورشاقة في النظيم في مدايح أمير المؤمنين ومراثي ولده الإمام السبط أعدل شاهد لعبقريته، وتقدمه في محاسن الشعر، وثباته على نواميس المذهب، واقتفائه أثر أئمة دينه عليهم السلام ولشيخنا الشهيد الأول معاصره المقتول سنة 786 شرح إحدى قصائد وهي الغديرية الثانية المذكورة ولما وقف المترجم على ذلك الشرح فخربه ومدح الشارع بمقطوعة.
ترجمه وأثنى عليه بالعلم والفضل والأدب القاضي في " المجالس "، وشيخنا الحر في أمل الآمل، والميرزا صاحب رياض العلماء، وسيدنا مؤلف رياض الجنة، وابن أبي شبانة في تتميم الأمل وغيرهم.
وقصائده السبع الطوال التي أوعز إلى عددها في بعضها وهي التي رآها صاحب (رياض العلماء) بخط العلامة الشيخ محمد بن علي بن الحسن الجباعي العاملي تلميذ ابن فهد الحلي المتوفى 841 وقفنا منها على عدة نسخ، إحداها غديريته الأولى المذكورة وإليك الست الباقية:
1 ذهب الصبا وتصرم العمر * ودنا الرحيل وقوض السفر ووهت قواعد قوتي وذوي * غصن الشبيبة وانحنى الظهر وبكت حمايم دوحتي أسفا * لما ذوت عذباتها الخضر وخلت من الينع الجني فلا * قطف بها يجنى ولا زهر 5 وتبدلت لذهاب سندسها * ذهبية أوراقها الصفر وتغيبت شمس الضحى فخلى * للبيض عن أوطاني النفر وجفونني بعد الوصال فلا * هدي يقربني ولا نحر وهجرن بيتي أن يطفن به * ولهن في هجرانه عذر