النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة مقدمة المحقق ٦
وقربه إلى الحق أكثر وكل ما قل تفكيره كثر خطائه وقرب نحو الباطل " طول الفكر يحمد العواقب، ويستدرك فساد الأمور " (1).
وقال عليه السلام: " تفكرك يفيدك الاستبصار ويكسبك الاعتبار " (2).
وقال عليه السلام: " من فكر قبل العمل كثر صوابه " (3).
[المبدأ الأول وحرية الفكر:] والاسلام حينما دعى إلى حرية الفكر وحث عليه لم يكن ذلك من باب التسلية والشعار الفارغ وإنما رتب على ذلك الأثر كبقية الحقائق التي يدعو إليها.
فأهم شئ في وجهة نظر الاسلام بل في الوجود ككل هو معرفة المبدأ الأول المنشئ لهذا الكون بما فيه وهذه الحياة التي يعيشها الانسان على هذا الكوكب.
فالاسلام ابتدأ مع الانسان من هذه المهمة التي هي أول ما يحتاجه الانسان ولا يمكن أن يستقل عنها أو ينفصل عن فيضها ولو لحظة واحدة، فنبه الاسلام الانسان على أنه لا بد له من الاعتراف بوجود الله سبحانه وعدالته من طريق العقل الحر والتفكير العميق ولا يكفي التقليد فيه وكذلك بقية أصول الدين كالنبوة والإمامة والمعاد يلزم أن يعترف بها من طريق فكره وأدلتها متوفرة لجميع الناس مهما اختلفت مستوياتهم ويكتفي من كل بحسب حاله، والآيات والروايات التي تتحدث كأدلة ليست إلا محض إرشاد وإلا لحصلت المصادرة.
وهذا لا يمنع من أن الاسلام اتخذ موقفا آخر بالنسبة إلى فروع الدين فقد فسح المجال للتقليد فيها لمن ليس أهلا للنظر والفحص وذلك لكثرتها وتشعب

(1) غرر الحكم ص 208.
(2) غرر الحكم ص 157.
(3) غرر الحكم ص 277.
(مقدمة المحقق ٦)