ميلغة الكلب وبقي معه من المال فضلة فقال لهم: هل بقي لكم مال أو دم لم يؤد؟ قالوا لا. قال: فإني أعطيكم هذه البقية احتياطا لرسول الله صلى الله عليه وآله ففعل ثم رجع فأخبر النبي صلى الله عليه وآله فقال: أصبت وأحسنت - هذا ما نقله المؤرخون ومترجمو خالد - حتى قال ابن عبد البر بعد أن أن ذكر هذا الخبر عنه في ترجمته من الاستيعاب ما هذا لفظه: وخبره في ذلك من صحيح الأثر. أه. (701).
وأورد هذه القضية من أساتذة أهل الفضل وحفظة الآثار عباس محمود العقاد في كتابه عبقرية " عمر " فقال: بعث رسول الله خالدا إلى بني جذيمة داعيا إلى الإسلام، ولم يبعثه للقتال، وأمره ألا يقاتل أحدا إن رأى مسجدا أو سمع أذانا. ثم وضع بنو جذيمة السلاح بعد جدال بينهم واستسلموا. فأمر بهم خالد فكتفوا، ثم عرضهم السيف فقتل منهم، وأفلت من القوم غلام يقال له السميدع حتى اقتحم على رسول الله وأخبره وشكاه إليه، فسأله رسول الله هل أنكر عليه أحد ما صنع. قال نعم رجل أصفر ربعة، ورجل أحمر طويل..
وكان عمر حاضرا فقال: أنا والله يا رسول الله أعرفهما أما الأول: فهو ابني.
وأما الثاني: فهو سالم مولى أبي حذيفة. وظهر بعد ذلك أن خالدا أمر كل من أسر أسيرا أن يضرب عنقه. فأطلق عبد الله بن عمر وسالم مولى أبي حذيفة أسيرين كانا معهما.. فرفع رسول الله يديه حين علم ذلك وقال: " اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد ".. ثم دعا علي بن أبي طالب عليه السلام وأمره أن يقصد إلى القوم ومعه إبل وورق، فودى لهم الدماء وعوضهم من الأموال (702).