[المورد - (54) - استبدال الحد الشرعي بأمر آخر يختاره الحاكم] وذلك أن غلمة الحاطب بن بلتعة، اشتركوا في سرقة ناقة لرجل من مرينة فجيئ بهم إلى عمر فأقروا، فأمر عمر كثير بن الصلت أن يقطع أيديهم، فلما ولي بهم ردهم عمر إليه ثم استدعى ابن مولاهم وهو عبد الرحمن بن حاطب فقال له: أما والله لولا إنكم تستعملونهم وتجيعونهم لقطعت أيديهم. وأيم الله إذ لم أفعل، لأغرمتك غرامة توجعك إلى آخر ما كان من هذه الواقعة فلتراجع في ص 32 والتي بعدها من الجزء الثالث من أعلام الموقعين. ونقلها عنه العلامة المعاصر أحمد أمين في ص 287 من (فجر الإسلام). وأشار إليها ابن حجر العسقلاني في ترجمة عبد الرحمن بن حاطب، حيث أورده في القسم الثاني من الإصابة فقال: وله قضية مع عمر (504).
قلت: لعل ما فعله عمر من درء الحد عن هؤلاء الغلمة وجها، وذلك حيث لا تكون السرقة إلا عن مخمصة اضطرتهم إليها بقيا على رمقهم ليكونوا ممن عناهم الله عز وجل بقوله: (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه) (505).
لكنهم أقروا بالسرقة فثبتت عليهم ولم يدعوا الضرورة الملجئة إليها، ولو فرض أنهم ادعوها، لكان على الحاكم أن يطالبهم بما يثبتها، لكنا لم نر منه سوى أنه وسعهم بإشفاقه مشتدا على ابن حاطب، وما ندري من أين علم