من طبقاته (1) بسند معتبر، أن بريدا قدم على عمر فنثر كنانته، فبدرت صحيفة فأخذها فقرأها فإذا فيها:
ألا أبلغ أبا حفص رسولا * فدا لك من أخي ثقة أزاري - قلائصنا هداك الله إنا * شغلنا عنكم زمن الحصار - فما قلص وجدن معقلات * قفا سلع بمختلف البحار - قلائص من بني سعد بن بكر * وأسلم أو جهينة أو غفار - يعقلهن جعدة من سليم * معيدا يبتغي سقط العذار - فقال: ادعوا لي جعدة من سليم. [قال] فدعوا به فجلده مائة معقولا ونهاه أن يدخل على امرأة مغيبة. انتهى بلفظ ابن سعد (507).
قلت: لا وجه لإقامة الحد هنا بمجرد هذه الأبيات، إذ لم يعرف قائلها ولا مرسلها، على أنها لا تتضمن سوى استعداء الخليفة على جعدة بدعوى أنه تجاوز الحد مع فتيات من بني سعد ابن بكر، وسلم، وجهينة، وغفار، فكان يعبث بهن فيعقلهن كما تعقل القلص، يبتغي بذلك سقط عذارهن، أي سقط الحياء والحشمة، هذا كل ما في الأبيات مما نسب إلى جعدة. وهو لو ثبت شرعا لا يوجب بمجرده إقامة الحد، نعم يوجب تربيته وتعزيره. ولعل ما فعله الخليفة إنما كان من هذا الباب. وشتان ما كان منه هنا، وما كان منه مع المغيرة بن شعبة مما ستسمعه قريبا إن شاء الله.
[المورد - (57) - درؤه الحد عن المغيرة بن شعبة:] وذلك حيث فعل المغيرة (مع الاحصان) ما فعل مع أم جميل بنت عمرو