بمن معه على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله من خلفهم، وتبادر المنهزمون من المشركين حينئذ بنشاط مستأنف لقتال المسلمين حتى هزموهم بعد أن قتلوا سبعين من أبطالهم، فيهم أسد الله وأسد رسوله حمزة بن عبد المطلب وقاتل رسول الله صلى الله عليه وآله يومئذ قتالا شديدا، فرمى بالنبل حتى فني نبله وانكسرت سية قوسه، وانقطع وتره، وأصيب بجرح في وجنته، وآخر في جبهته وكسرت رباعيته السفلى، وشقت - بأبي هو وأمي - شفته، وعلاه ابن قمئة بالسيف.
وقاتل دونه علي، ومعه خمسة من الأنصار استشهدوا في الدفاع عنه رضي الله عنهم وأرضاهم، وترس أبو دجانة رسول الله صلى الله عليه وآله بنفسه، فكان يقع النبل بظهره وهو منحن عليه، وقاتل مصعب بن عمير فاستشهد، قتله ابن قمئة الليثي وهو يظنه رسول الله صلى الله عليه وآله فرجع إلى قريش يقول لهم: قتلت محمدا، فجعل الناس يقولون: قتل محمد، قتل محمد فأوغل المسلمون في الهرب على غير رشد، وكان أول من عرف رسول الله صلى الله عليه وآله كعب بن مالك، فنادى بأعلى صوته: يا معشر المسلمين أبشروا هذا رسول الله حي لم يقتل فأشار إليه صلى الله عليه وآله أن أنصت (1).
وحينئذ نهض علي بمن كان معه حتى خلصوا برسول الله صلى الله عليه وآله إلى الشعب، فتحصن النبي صلى الله عليه وآله به، وهم يحوطونه مدافعين عنه.
قال ابن جرير وابن الأثير في تاريخيهما وسائر أهل الأخبار: فأبصر النبي صلى الله عليه وآله - أي وهو في الشعب - جماعة من المشركين، فقال صلى الله عليه وآله لعلي:
احمل عليهم، فحمل عليهم ففرقهم وقتل منهم، ثم أبصر جماعة أخرى، فقال صلى الله عليه وآله: اكفنيهم يا علي فحمل عليهم وفرقهم وقتل منهم. فقال جبرائيل:
يا رسول الله هذه المواساة، فقال رسول الله [ص]: إنه مني وأنا منه. فقال