النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ٣٤٢
خلف ظهره، وجعل وراءه الرماة وهم خمسون راميا، أمر عليهم عبد الله بن جبير وقال له: انضح عنا الخيل بالنبل لا يأتونا من خلفنا، واثبتوا مكانكم، إن كانت لنا، أو كانت علينا، فإنا إنما نؤتى من هذا الشعب شعب أحد (1).
وخرج طلحة بن عثمان صاحب لواء المشركين ينادي: يا معشر أصحاب محمد أنكم تزعمون أن يعجلنا بسيوفكم إلى النار، ويعجلكم بسيوفنا إلى الجنة فهل أحد منكم يعجله سيفي إلى الجنة، ويعجلني سيفه إلى النار؟
قال ابن الأثير في كامله: فبرز إليه علي بن أبي طالب فضربه فقطع رجله فسقط وانكشفت عورته، فناشده الله فتركه - لما به يخور بدمه حتى هلك - فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: كبش الكتيبة، وكبر المسلمون بتكبيره، وقال لعلي: ما منعك أن تجهز عليه؟ فقال ناشدني الله والرحم فاستحييت منه.
وصمد علي بعده لأصحاب اللواء يحمل عليهم فيقتلهم واحدا بعد واحد.
قال ابن الأثير وغيره: وقد كان المسلمون قتلوا أصحاب اللواء وبقي مطروحا لا يدنو منه أحد، فأخذته عمرة بنت علقمة الحارثية فرفعته فاجتمعت قريش حوله، وأخذه صواب عبد لبني عبد الدار - كان من أشد الناس قوة - فقتل عليه (قال) وكان الذي قتل أصحاب اللواء علي بن أبي طالب، قاله أبو رافع.
واقتتل الناس قتالا شديدا. وأمعن حمزة وعلي وأبو دجانة في رجال من المسلمين وأبلوا بلاء حسنا، وأنزل الله نصره عليهم وكانت الهزيمة على المشركين، وهرب النساء مصعدات في الجبل، ودخل المسلمون عسكرهم ينهبون، فلما نظر بعض الرماة إلى إخوانهم ينهبون، آثروا النهب على البقاء في الشعب، ونسوا ما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وآله وحضهم عليه.
وحين رأى خالد بن الوليد قلة من بقي من الرماة حمل عليهم فقتلهم، وشد

(1) الشعب بالكسر ما انفرج بين الجبلين (منه قدس).
(٣٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 ... » »»