فمنها: يوم أحد إذ حمل ابن قمئة على مصعب بن عمير (ره) فقتله، وهو يظنه رسول الله صلى الله عليه وآله فرجع إلى قريش يبشرهم بقتل محمد فجعل المشركون يبشر بعضهم بعضا يقولون: قتل محمد قتل محمد، قتله ابن قمئة، فانخلعت قلوب المسلمين، وأوغلوا في الهرب مولهين مدلهين لا يلوون على أحد، كما حكاه الله عز وجل عنهم حيث قال: (إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غما بغم) الآية (467).
والاصعاد هو الذهاب في الأرض والأبعاد فيها، يقال: صعد في الجبل وأصعد في الأرض إذ أبعد، وكان الرسول يدعوهم فيقول: إلي عباد الله إلي عباد الله أنا رسول الله من كر فله الجنة، كان يدعوهم بهذا ونحوه، وهو في أخراهم، أي في ساقتهم وجماعتهم المتأخرة، يقال: جئت في آخر الناس وأخراهم، كما تقول في أخراهم وأولاهم، وهم لا يلوون على أحد، أي لا يلتفتون إلى أحد مطلقا.
قال ابن جرير وابن الأثير في تاريخيهما: وانتهت الهزيمة بجماعة المسلمين وفيهم عثمان بن عفان وغيره إلى الأعوص فأقاموا بها ثلاثا، ثم أتوا النبي صلى الله عليه وآله فقال لهم حين رآهم: لقد ذهبتم فيها عريضة (468).