أجوبة مسائل جار الله - السيد شرف الدين - الصفحة ٨٢
إذا ابتلي بالشديد الغاشم، ولما دعا المأمون إلى القول بخلق القرآن أجابه كثير من أبرار أهل السنة إلى ذلك بألسنتهم، وقلوبهم منعقدة على القول بقدمه، فأظهروا له خلاف ما يدينون به تقية منه، كما يفعله المسلمون اليوم في الحجاز، حيث لا يتظاهرون بالأقوال والأعمال التي لا تجوز شرعا في مذهب الوهابية، كزيارة قبور الأولياء، وتقبيل الضريح النبوي الأقدس، والتبرك به وكالاستغاثة بسيد الأنبياء، والتوسل به إلى الله عز وجل في غفران الذنوب، وكشف الكروب، فإن الحجاج وغيرهم من سنيين وشيعيين لا يتظاهرون بشئ منها تقية من الفتنة وخوفا من الأذى، بل لا يتظاهرون بالأدعية المستحبة عندهم في تلك المواقف الكريمة والمشاهد العظيمة، عملا بالتقية. وذكر ابن خلدون في الفصل الذي عقده لعلم الفقه من مقدمته الشهيرة مذاهب أهل السنة، وانتشار مذهب أبي حنيفة في العراق، ومذهب مالك في الحجاز، ومذهب أحمد في الشام وفي بغداد، ومذهب الشافعي في مصر، وهنا قال ما هذا لفظه: ثم انقرض فقه أهل السنة من مصر بظهور دولة الرافضة وتداول بها فقه أهل البيت، وتلاشى من سواهم،
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»