أجوبة مسائل جار الله - السيد شرف الدين - الصفحة ٨١
كانت سياستهم الزمنية تقتضي هذه الجرائم، وكانوا يعولون في ارتكابها على الظن والتهمة، وكان قضاتهم من علماء السوء والتزلف، يتقربون إليهم بما يبيح لهم ما كانوا يرتكبون، فاضطرت الشيعة وأئمة الشيعة عندها إلى التقية مخافة الاستئصال جريا على قاعدة العقلاء والحكماء والأتقياء في مثل تلك الشدائد، وكان عملهم هذا دليلا على عقلهم وحكمتهم وفقههم، وما كان الله عز وجل ليمنعهم - والحال هذه - من التقية وهو القائل تبارك اسمه (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) (وما جعل عليكم في الدين من حرج) (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) (لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: بعثت بالحنيفية (1) السمحة السهلة. لكن أهل البطر يعدون التقية من مساوي الشيعة - فويل للشجي من الخلي - ولو ابتلوا بما ابتلي به الشيعة لأخلدوا إلى التقية، وقبعوا فيها قبوع القنفذ، كما فعل أهل السنة إذ اتقوا شر جنكيزخان وهولاكو حقنا لدمائهم، وما يصنع الضعيف العاقل

(١) قال ابن الأثير عند ذكر هذا الحديث في مادة حنف من النهاية والحنيف عند العرب من كان على دين إبراهيم.
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»