إني لأكره علما لا يكون معي * إذا خلوت به في جوف حمام فكن في جميع الأحوال مراعيا له مقبلا عليه، فان آفة العلم النسيان، ولا تتكل على جمعه في الكتب فإنه موكل ضايع كما قيل:
لا تفرحن بجمع العلم في كتب * فان للكتب آفات تفرقها النار تحرقها والماء يغرقها * واللبث يمزقها واللص يسرقها وإذا أنعم الله عليك بتلك النعمة الجليلة واقتناء تلك الفضيلة، حافظ معها على تقوى الله وترك محارمه، لأن ارتكاب معاصيه موجبة لزوال النعم كما قيل:
إذا كنت في نعمة فارعها * فان المعاصي تزيل النعم ودوام عليها بشكر الإله * فان الاله شديد النقم وقال النبي صلى الله عليه وآله: أدم الطهارة يدم عليك الرزق.
وأوصيك بما يتعلق بأستاذك ومعلمك وهو أن تعلم أولا أنه دليلك وهاديك ومرشدك وناديك، بل هو القائم باصلاحك والساعي بهدايتك وصلاحك، والذي كد نفسه في دلالتك إلى الطريق حتى عرفت مسلك الحق بالتحقيق، وصرت من أهل الهداية والتوفيق، فهو الأب الحقيقي والمربي المعنوي والمنعم الثاني، فقم بحقه كل القيام، ونوه بذكره بين الأنام، وأكثر في احترامه الاهتمام، تسلم من العقوق الذي هو من الجرائم العظام.
وكن مطيعا لأمره ونهيه لما قال سيد العالمين: " من علم شخصا مسألة ملك رقه " فقيل له: أيبيعه؟ قال: لا، ولكن يأمره وينهاه " واستفته منه فإنه مأمور بأمره منهي بنهيه، وقد ورد برعاية حقوق الشيخ وعدها، وهي إذا دخلت مجلسه فقم بالسلام، وخصه بالتحية والاكرام، وتجلس أين انتهى بك المجلس وتحتشم مجلسه، فلا تشاور فيه أحدا، ولا ترفع صوتك على صوته، ولا تغتب أحدا بحضرته.
ومتى سئل عن شئ فلا تجب أنت حتى يكون هو الذي يجيب، وتقبل عليه وتصغي إلى قوله وتعتقد صحته، ولا ترد قوله، ولا تكرر السؤال عند ضجره، ولا تصاحب له عدوا، ولا تعادي له وليا، وإذا سألته عن شئ فلم يجبك فلا تعيد