الفتال، وعاجلوك النزال، ورشقوك بالسهام والنبال، وبسطوا إليك أكف الاصطلام، ولم يرعوا لك ذماما، ولا راقبوا فيك أثاما "، في قتلهم أولياءك، ونهبهم رحالك، وأنت مقدم في الهبوات، ومحتمل للأذيات، قد عجبت من صبرك ملائكة السماوات.
فأحدقوا بك من كل الجهات، وأثخنوك بالجراح، وحالوا بينك وبين الرواح، ولم يبق لك ناصر، وأنت محتسب صابر، تذب عن نسوتك وأولادك حتى نكسوك عن جوادك، فهويت إلى الأرض جريحا "، تطؤك الخيول بحوافرها أو تعلوك الطغاة ببواترها.
قد رشح للموت جبينك، واختلف بالانقباض والانبساط شمالك ويمينك تدير طرفا " خفيا " إلى رحلك وبيتك، وقد شغلت بنفسك عن ولدك وأهاليك وأسرع فرسك شاردا، إلى خيامك قاصدا "، محمحما " باكيا ".
فلما رأين النساء جوادك مخزيا "، ونظرن سرجك عليه ملويا "، برزن من الخدور، ناشرات الشعور، على الخدود لاطمات الوجوه سافرات، وبالعويل داعيات وبعد العز مذللات، وإلى مصرعك مبادرات.
والشمر جالس على صدرك، ومولغ سيفه على نحرك، قابض على شيبتك بيده، ذابح لك بمهنده، قد سكنت حواسك، وخفيت أنفاسك، ورفع على القناة رأسك، وسبي أهلك كالعبيد، وصفدوا في الحديد، فوق أقتاب المطيات، تلفح وجوههم حر الهاجرات، يساقون في البراري والفلوات، أيديهم مغلولة إلى الأعناق يطاف بهم في الأسواق.
فالويل للعصاة الفساق، لقد قتلوا بقتلك الاسلام، وعطلوا الصلاة والصيام ونقضوا السنن والأحكام، وهدموا قواعد الايمان، وحرفوا آيات القرآن، و هملجوا في البغي والعدوان.
لقد أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله موتورا "، وعاد كتاب الله عز وجل مهجورا " وغودر الحق إذا قهرت مقهورا "، وفقد بفقدك التكبير والتهليل، والتحريم والتحليل