كأنك استحييتني.
إلهي لم أعصك حين عصيتك وأنا بربوبيتك جاحد، ولا بأمرك مستخف، و لا لعقوبتك متعرض، ولا لوعيدك متهاون، ولكن خطيئة عرضت وسولت لي نفسي وغلبني هواي، وأعانني عليها شقوتي، وغرني سترك المرخى على، فقد عصيتك وخالفتك بجهدي، فالآن من عذابك من يستنقذني؟ ومن أيدي الخصماء غدا من يخلصني؟ وبحبل من أتصل إن أنت قطعت حبلك عني؟ فوا سوأتا على ما أحصى كتابك من عملي الذي لولا ما أرجو من كرمك، وسعة رحمتك، ونهيك إياي عن القنوط لقنطت عندما أتذكرها، يا خير من دعاه داع، وأفضل من رجاه راج.
اللهم بذمة الإسلام أتوسل إليك، وبحرمة القرآن أعتمد عليك، وبحبي للنبي الأمي القرشي الهاشمي العربي التهامي المكي المدني، صلواتك عليه وآله أرجو الزلفة لديك، فلا توحش استيناس إيماني، ولا تجعل ثوابي ثواب من عبد سواك، فان قوما آمنوا بألسنتهم ليحقنوا به دماءهم فأدركوا ما أملوا وإنا آمنا بك بألسنتنا وقلوبنا، لتعفو عنا، فأدركنا ما أملنا، وثبت رجاءك في صدورنا، ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
فوعزتك لو انتهرتني ما برحت من بابك، ولا كففت عن تملقك، لما الهم قلبي يا سيدي من المعرفة بكرمك، وسعة رحمتك، إلى من يذهب العبد إلا إلى مولاه، وإلى من يلتجئ المخلوق إلا إلى خالقه، إلهي لو قرنتني بالأصفاد، ومنعتني سيبك من بين الأشهاد، ودللت على فضائحي عيون العباد، وأمرت بي إلى النار وحلت بيني وبين الأبرار، ما قطعت رجائي منك، ولا صرفت وجه تأميلي للعفو عنك، ولا خرج حبك من قلبي، أنا لا أنسى أياديك عندي، وسترك على في دار الدنيا سيدي صل على محمد وآل محمد، وأخرج حب الدنيا عن قلبي، واجمع بيني وبين المصطفى وآله خيرتك من خلقك خاتم النبيين محمد صلواتك عليه وآله، وانقلني إلى درجة التوبة إليك، وأعني بالبكاء على نفسي، فقد أفنيت بالتسويف والآمال عمري، وقد نزلت منزلة الآيسين من خيري.