من لا ذبه وانقطع إليه، أنت المحسن ونحن المسيئون، فتجاوز يا رب عن قبيح ما عندنا بجميل ما عندك، فأي جهل يا رب لا يسعه جودك؟ أو أي زمان أطول من أناتك، وما قدر أعمالنا في جنب نعمك؟ وكيف نستكثر أعمالا يقابل بها كرمك بل كيف يضيق على المدنيين ما وصفته من رحمتك؟
يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة، فوعزتك يا سيدي لو انتهرتني ما برحت من بابك، ولا كففت عن تملقك، لما انتهى إلى يا سيدي من المعرفة بجودك وكرمك، وأنت الفاعل لما تشاء تعذب من تشاء بما تشاء كيف تشاء، و ترحم من تشاء بما تشاء كيف تشاء، لا تسأل عن فعلك، ولا تنازع في ملكك. ولا تشارك في أمرك، ولا تضاد في حكمك، ولا يعترض عليك أحد في تدبيرك، لك الخلق والأمر تباركت يا رب العالمين، أنت أحسن الخالقين، ورب العالمين.
يا رب هذا مقام من لاذ بك، واستجار بكرمك، وألف إحسانك ونعمك وأنت الجواد الذي لا يضيق عفوك، ولا ينقص فضلك ولا تقل رحمتك، وقد توثقنا منك بالصفح القديم، والفضل العظيم، والرحمة الواسعة.
أفتراك يا رب تخلف ظنوننا؟ أو تخيب آمالنا؟ كلا يا كريم! ليس هذا ظننا بك، ولا هذا طمعنا فيك يا رب إن لنا فيك أملا طويلا كثيرا، إن لنا بك رجاء عظيما، عصيناك ونحن نرجو أن تستر علينا، ودعوناك ونحن نرجو أن تستجيب لنا، فحقق رجاءنا يا مولانا، فقد علمنا ما نستوجب بأعمالنا ولكن علمك فينا وعلمنا بأنك لا تصرفنا عنك حثنا على الرغبة إليك، وإن كنا غير مستوجبين لرحمتك، فأنت أهل أن تجود علينا وعلى المذنبين بفضل سعتك وامنن علينا بما أنت أهله، وجد علينا بفضل إحسانك، فانا محتاجون إلى نيلك يا غفار! بنورك اهتدينا، وبفضلك استغنينا، وبنعمتك أصبحنا وأمسينا ذنوبنا بين يديك، نستغفرك اللهم منها ونتوب إليك، تتحبب إلينا بالنعم، ونعارضك بالذنوب خيرك إلينا نازل، وشرنا إليك صاعد، ولم يزل ولا يزال ملك كريم يأتيك عنا في كل يوم بعمل قبيح، فلا يمنعك ما يأتي منا من ذلك، أن تحوطنا برحمتك