8.
* (باب) * * " (أدعية وداع شهر رمضان وأعماله) " * أقول: قد مضى ما ينوط بهذا الباب في أبواب الصيام وفي أبواب الدعاء من كتاب الصلاة وغيرها أيضا فلا تغفل.
[1 - إقبال الأعمال: ومن ذلك ما يتعلق بوداع شهر رمضان، فنقول: إن سأل سائل فقال: ما معنى الوداع لشهر رمضان وليس هو من الحيوان، الذي يخاطب أو يعقل ما يقال له باللسان، فاعلم أن عادة ذوي العقول قبل الرسول ومع الرسول وبعد الرسول، يخاطبون الديار والأوطان، والشباب وأوقات الصفا والأمان والاحسان ببيان المقال، وهو محادثة لها بلسان الحال، فلما جاء أدب الإسلام أمضى ما شهدت بجوازه من ذلك أحكام العقول والأفهام، ونطق به مقدس القرآن المجيد فقال جل جلاله " يوم نقول لجهنم هل امتلئت وتقول هل من مزيد " فأخبر أن جهنم رد الجواب بالمقال، وهو إشارة إلى لسان الحال، وذكر كثيرا في القرآن الشريف المجيد وفي كلام النبي والأئمة صلوات الله عليه وعليهم السلام وكلام أهل التعريف فلا يحتاج ذوو الألباب إلى الإطالة في الجواب، فلما كان شهر رمضان قد صاحبه ذوو العناية به من أهل الاسلام والايمان، أفضل لهم من صحبة الديار والمنازل، وأنفع من الأهل وأرفع من الأعيان والأماثل، اقتضت دواعي لسان الحال أن يودع عند الفراق والانفصال.
ذكر ما نورده من طبقات أهل الوداع لشهر الصيام فنقول: اعلم أن الوداع لشهر رمضان يحتاج إلى زيادة بيان، والناس فيه على طبقات:
طبقة منهم كانوا في شهر رمضان على مراد الله - جل جلاله - وآدابه فيه في السر والاعلان، فهؤلاء يودعون شهر الصيام وداع من صاحبه بالصفاء والوفاء وحفظ الذمام كما تضمنه وداع مولانا زين العابدين عليه أفضل السلام.