أفضل السلام من كتاب فيه مسائل جماعة من أعيان الأصحاب، وقد وقع عليه السلام بعد كل مسألة بالجواب، وهذا لفظ ما وجدناه:
" وداع شهر رمضان، متى يكون، فقد اختلف أصحابنا فبعضهم قال هو في آخر ليلة منه، وبعضهم قال: هو في آخر يوم منه إذا رأى هلال شوال. الجواب: العمل في شهر رمضان في لياليه والوداع يقع في آخر ليلة منه، فان خاف أن ينقص الشهر جعله في ليلتين.
قلت: هذا اللفظ ما رأيناه ورويناه، فاجتهد في وقت الوداع على إصلاح السريرة، فالانسان على نفسه بصيرة، وتخير لوقت وداع الفضل الذي كان في شهر رمضان أصلح أوقاتك في حسن صحبته، وجميل ضيافته ومعاملته، من آخر ليلة منه، كما رويناه فان فاتك الوداع في آخر ليلة ففي أواخر نهار المفارقة له والانفصال عنه فمتى وجدت في تلك الليلة أو ذلك اليوم نفسك على حال صالحة في صحبة شهر رمضان فودعه في ذلك الأوان، وداع أهل الصفاء والوفاء الذين يعرفون حق الضيف العظيم الاحسان، واقض من حق التأسف على مفارقته، وبعده بقدر ما فاتك من شرف ضيافته، وفوايد رفده، وأطلق من ذخاير دموع الوداع ما جرت به عوائد الأحبة إذا تفرقوا بعد الاجتماع.
وقل ما رواه الشيخ جعفر بن محمد بن أحمد بن العباس بن محمد الدوريستي في كتاب الحسنى باسناده إلى جابر بن عبد الله الأنصاري قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله في آخر جمعة من شهر رمضان، فلما بصر بي قال لي: يا جابر هذا آخر جمعة من شهر رمضان فودعه وقل: " اللهم لا تجعله آخر العهد من صيامنا إياه، فان جعلته فاجعلني مرحوما، ولا تجعلني محروما " فإنه من قال ذلك ظفر بإحدى الحسنيين إما ببلوغ شهر رمضان من قابل، وإما بغفران الله ورحمته.
وداع آخر لشهر رمضان وقد رويناه عن مولانا علي بن الحسين عليه السلام صاحب الأنفاس المقدسة الشريفة، فيما تضمنه إسناد أدعية الصحيفة، فقال: وكان من دعائه عليه السلام في وداع شهر رمضان:
اللهم يا من لا يرغب في الجزاء، ويا من لا يندم على العطاء، ويا من لا يكافي