القدر قال: التمسها في ليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، فقلت: أفردها لي فقال: وما عليك أن تجتهد في ليلتين.
أقول: وقد قدمنا قول أبي جعفر الطوسي في التبيان أن ليلة القدر في مفردات العشر الأواخر من شهر رمضان، وذكر أنه بلا خلاف.
ومنها أن الاعتكاف في هذا العشر الأواخر من شهر رمضان عظيم الفضل والرجحان مقدم على غيره من الأزمان وقد روينا بعدة طرق عن الشيخ محمد ين يعقوب الكليني وأبي جعفر محمد بن بابويه وجدي أبي جعفر الطوسي قدس الله أرواحهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يعتكف هذا العشر الأخير من شهر رمضان.
أقول: واعلم أن كمال الاعتكاف هو إيقاف العقول والقلوب والجوارح على مجرد العمل الصالح، وحبسها على باب الله جل جلاله، ومقدس إرادته، وتقييدها بقيود مراقباته، وصيانتها عما يصون الصائم كمال صونه عنه، ويزيد على احتياط الصائم في صومه زيادة معنى المراد من الاعتكاف، والتلزم باقباله على الله وترك الاعراض عنه، فمتى أطلق المعتكف خاطرا لغير الله في طرق أنوار عقله و قلبه، أو استعمل جارحة في غير الطاعة لربه، فإنه يكون قد أفسد من حقيقة كمال الاعتكاف، بقدر ما غفل أو هون به من كمال الأوصاف.
ومنها ذكر المواضع التي يعتكف فيها روينا باسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني وأبي جعفر ابن بابويه وجدي أبي جعفر الطوسي رضي الله عنهم باسنادهم إلى عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما تقول: في الاعتكاف ببغداد في بعض مساجدها؟ فقال: لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة قد صلى فيها إما عدل صلاة جماعة ولا بأس أن تعتكف في مسجد الكوفة والبصرة ومسجد المدينة ومسجد مكة.
ذكر أن الاعتكاف لا يكون أقل من ثلاثة أيام بالصيام: رويناه بالإسناد المقدم ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يكون الاعتكاف أقل من ثلاثة أيام ومتى اعتكف صام، وينبغي للمعتكف إذا اعتكف أن يشترط كما يشترط الذي يحرم.