طمع وطبع، ولا يزال يسمع صوت إبليس على ألسنتهم بباطل كثير، يصبر منهم العلماء على الأذى والتعنيف، ويعيبون على العلماء بالتكليف (1) والعلماء في أنفسهم خانة اكتموا النصيحة، إن رأوا تائها ضالا لا يهدونه، أو ميتا لا يحيونه، فبئس ما يصنعون لان الله تبارك وتعالى أخذ عليهم الميثاق في الكتاب أن يأمروا بالمعروف وبما أمروا به وأن ينهوا عما نهوا عنه، وأن يتعاونوا على البر والتقوى ولا يتعاونوا على الاثم والعدوان، فالعلماء من الجهال في جهد وجهاد إن وعظت قالوا: طغت وإن علموا الحق (2) الذي تركوا قالوا: خالفت، وإن اعتزلوهم قالوا: فارقت وإن قالوا: هاتوا برهانكم على ما تحدثون، قالوا: نافقت وإن أطاعوهم [قالوا:] عصت الله عز وجل (3) فهلك جهال فيما لا يعلمون، أميون فيما يتلون، يصدقون بالكتاب عند التعريف ويكذبون به عند التحريف، فلا ينكرون.
أولئك أشباه الأحبار والرهبان، قادة في الهوى، سادة في الردى، وآخرون منهم جلوس بين الضلالة والهدى لا يعرفون إحدى الطائفتين من الأخرى، يقولون ما كان الناس يعرفون هذا، ولا يدرون ما هو وصدقوا، تركهم رسول الله صلى الله عليه وآله على البيضاء (4) ليلها من نهارها لم يظهر فيهم بدعة ولم يبدل فيهم سنة لا خلاف عندهم ولا اختلاف، فلما غشى الناس ظلمة خطاياهم، صاروا إمامين داع إلى الله تبارك وتعالى، وداع إلى النار، فعند ذلك نطق الشيطان فعلى صوته على لسان أوليائه وكثر خيله ورجله (5) وشارك في المال والولد من أشركه، فعمل بالبدعة، وترك الكتاب والسنة، ونطق أولياء الله بالحجة وأخذوا بالكتاب والحكمة فتفرق من ذلك