وسحبت عليهم أذيال البوار، وطحنتهم طحن الرحى للحب، واستودعتهم هوج الرياح (1) تسحب عليهم أذيالها فوق مصارعهم في فلوات الأرض.
فتلك مغانيهم وهذي قبورهم (2) * توارثها أعصارها وقبورها أيها المجتهد في آثار من مضى من قبلك من أمم السالفة، توقف وتفهم، وانظر أي عز ملك أو نعيم انس أو بشاشة ألف إلا نغصت أهله قرة أعينهم، وفرقتهم أيدي المنون، فألحقتهم بتجافيف التراب فأضحوا في فجوات قبورهم يتقلبون وفي بطون الهلكات عظاما ورفاتا وصلصالا في الأرض هامدون (3).
وآليت لا تبقى الليالي بشاشة (4) * ولا جدة إلا سريعا خلوقها وفي مطالع أهل البرزخ، وخمود تلك الرقدة، وطول تلك الإقامة طفيت مصابيح النظر، واضمحلت غوامض الفكر، وذم الغفول أهل العقول، وكم بقيت متلذذا في طوامس هوامد تلك الغرفات فنوهت بأسماء الملوك، وهتفت بالجبارين (5) ودعوت الأطباء والحكماء، وناديت معادن الرسالة والأنبياء، أتململ تململ السليم (6) وأبكي بكاء الحزين، أنادي ولات حين مناص (7).
سوى أنهم كانوا فبانوا وأنني * على جدد قصد سريعا لحوقها وتذكرت مراتب الفهم، وغضاضة فطن العقول، بتذكر قلب جريح،