وأحب الصالح لصلاحه، ودار الفاسق عن دينك. وأبغضه بقلبك، وزايله بأعمالك كيلا تكون مثله، وإياك والجلوس في الطرقات، ودع المماراة ومجاراة من لا عقل له ولا علم، واقصد يا بني في معيشتك، واقتصد في عبادتك، وعليك فيها بالامر الدائم الذي تطيقه، وألزم الصمت تسلم، وقدم لنفسك تغنم، وتعلم الخير تعلم، وكن لله ذاكرا على كل حال، وارحم من أهلك الصغير، ووقر منهم الكبير، ولا تأكلن طعاما حتى تصدق منه قبل أكله، وعليك بالصوم فإنه زكاة البدن وجنة لأهله، وجاهد نفسك، واحذر جليسك، واجتنب عدوك، وعليك بمجالس الذكر وأكثر من الدعاء فاني لم آلك يا بني نصحا، وهذا فراق بيني وبينك.
وأوصيك بأخيك محمد خيرا فإنه شقيقك وابن أبيك وقد تعلم حبي له.
وأما أخوك الحسين فهو ابن أمك ولا أريد الوصاة بذلك (1)، والله الخليفة عليكم، وإياه أسأل أن يصلحكم وأن يكف الطغاة والبغاة عنكم، والصبر الصبر حتى ينزل الله الامر، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
2 - تحف العقول (2): وصيته عليه السلام عند الوفاة:
هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب. أوصى المؤمنين بشهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وصلى الله على محمد وسلم. ثم إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين.
ثم إني أوصيك يا حسن وجميع ولدي، وأهل بيتي، ومن بلغه كتابي من المؤمنين بتقوى الله ربكم، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصوم " وإن المبيرة وهي الحالقة للدين (3) فساد ذات البين،