إن في ذلك أيضا لنفعا.
فعند ذلك دعا معاوية الضحاك بن قيس الفهري، وقال له: سر حتى تمر بناحية الكوفة، وترتفع عنها ما استطعت، فمن وجدته من الأعراب في طاعة علي، فأغر عليه، وإن وجدت له مسلحة أو خيلا فاغر عليهما، وإذا أصبحت في بلدة، فأمس في أخرى، ولا تقيمن لخيل بلغك عنها أنها قد سرحت إليك لتلقاها فتقاتلها. فسرحه فيما بين ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف.
فأقبل الضحاك لنهب الأموال، وقتل من لقي من الأعراب، حتى مر بالثعلبية فأغار على الحاج، فأخذ أمتعتهم، ثم أقبل فلقي عمرو بن عميس بن مسعود الذهلي - وهو ابن أخي عبد الله بن مسعود - فقتله في طريق الحاج، عند القطقطانة، وقتل معه ناسا من أصحابه.
فصعد أمير المؤمنين عليه السلام المنبر وقال:
يا أهل الكوفة! اخرجوا إلى [العبد] الصالح عمرو بن عميس وإلى جيوش لكم قد أصيب منهم طرف، اخرجوا فقاتلوا عدوكم، وامنعوا حريمكم إن كنتم فاعلين.
فردوا عليه ردا ضعيفا ورأى منهم عجزا وفشلا فقال:
والله لوددت أن لي بكل مائة منكم رجلا منهم، ويحكم أخرجوا معي، ثم فروا عني ما بدا لكم، فوالله ما أكره لقاء ربي على نيتي وبصيرتي، وفي ذلك روح لي عظيم، وفرج من مناجاتكم ومعاناتكم ومقاساتكم ومداراتكم، مثل ما تدارى البكار العمدة، والثياب المتهترة، كلما خيطت من جانب، تهتكت على صاحبها من جانب آخر.
ثم نزل، فخرج يمشي حتى بلغ الغريين، ثم دعا حجر بن عدي الكندي فعقد له راية على أربعة آلاف، فخرج حجر حتى مر بالسماوة وهي