رجلين يحييان ما أحيا القران ويميتان ما أمات القران فاختلف رأيهما وتفرق حكمهما ونبذا ما في حكم القران وخالفا ما في الكتاب فجنبهما السداد ودلاهما في الضلالة فنبذا حكمهما وكانا أهله.
فانخزلت فرقة منا فتركناهم ما تركونا حتى إذا عثوا في الأرض يقتلون ويفسدون أتيناهم فقلنا: ادفعوا إلينا قتلة إخواننا ثم كتاب الله بينا وبينكم؟ قالوا: كلنا قتلهم وكلنا استحل دماءهم ودماءكم. وشدت علينا خيلهم ورجالهم فصرعهم الله مصارع الظالمين.
فلما كان ذلك من شأنهم أمرتكم أن تمضوا من فوركم ذلك إلى عدوكم فقلتم: كلت سيوفنا ونفدت نبالنا ونصلت أسنة رماحنا، وعاد أكثرها قصدا، فارجع بنا إلى مصرنا لنستعد بأحسن عدتنا فإذا رجعت زدت في مقاتلتنا عدة من هلك منا وفارقنا فإن ذلك؟ أقوى لنا على عدونا.
فأقبلت بكم حتى إذا أظللتم على الكوفة أمرتكم أن تنزلوا بالنخيلة وأن تلزموا معسكركم وأن تضموا قواصيكم وأن توطنوا على الجهاد أنفسكم ولا تكثروا زبارة أبنائكم ونسائكم، فإن أهل الحرب المصابروها، وأهل التشمير فيها الذين لا ينقادون من سهر ليلهم ولا ظلما نهارهم ولا خمص بطونهم ولا نصب أبدانهم، فنزلت طائفة منكم معي معذرة، ودخلت طائفة منكم المصر عاصية، فلا من بقي منكم صبر وثبت، ولا من دخل المصر عاد إلي ورجع فنظرت إلى معسكري وليس فيه خمسون رجلا.
فلما رأيت ما أتيتم دخلت إليكم فلم أقدر إلى أن تخرجوا إلى يومنا هذا.
فما تنتظرون؟! أما ترون أطرافكم قد انتقصت؟ وإلى مصركم قد فتحت وإلى شيعتي بها قد قتلت وإلى مسالحكم تعرى وإلى بلادكم تغزى؟! وأنتم ذووا عدد كثير وشوكة وبأس، فما بالكم! لله أنتم! من أين تؤتون؟ وما لكم تسحرون؟!
وأنى تؤفكون؟ ولو أعزمتم وأجمعتم لم تراموا.
ألا إن القوم قد اجتمعوا وتناشبوا وتناصحوا وأنتم قد ونيتم وتغاششتم وافترقتم، ما أنتم إن أتممتم عندي على هذا بمنقذين، فانتهوا عما نهيتم واجمعوا على حقكم وتجردوا لحرب عدوكم، قد أبدت الرغوة من الصريح، وبين الصبح لذي عينين،