الله العزيز الرحيم رب العرش العظيم.
قال إبراهيم: فحدثنا محمد بن عبد الله عن المدائني قال: فأقبل عمرو بن العاص يقصد قصد مصر فقام محمد بن أبي بكر في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
أما بعد يا معاشر المسلمين فإن القوم الذين كانوا ينتهكون الحرمة ويغشون أرض الضلالة (1) قد نصبوا لكم العداوة وساروا إليكم بالجنود فمن أراد الجنة والمغفرة فليخرج إلى هؤلاء القوم فليجاهدهم في الله انتدبوا رحمكم الله مع كنانة بن بشر ومن يجيب معه من كندة (2).
ثم ندب معه ألفي رجل وتخلف محمد في ألفين واستقبل عمرو بن العاص كنانة وهو على مقدمة محمد فلما دنا عمرو من كنانة سرح إليه الكتائب كتيبة بعد كتيبة فلم تأته كتيبة من كتائب أهل الشام إلا شد عليها بمن معه فيضربها حتى يلحقها بعمرو ففعل ذلك مرارا فلما رأى عمرو ذلك بعث إلى معاوية بن حديج الكندي فأتاه في مثل الدهم (3) فلما رأى كنانة ذلك الجيش نزل عن فرسه ونزل معه أصحابه فضاربهم بسيفه وهو يقول: * (وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا) * [145 / آل عمران: 3] فلم يزل يضاربهم بالسيف حتى استشهد رحمه الله.
فلما قتل كنانة أقبل ابن العاص نحو محمد وقد تفرق عنه أصحابه فخرج محمد فمضى في طريق حتى انتهى إلى خربة فآوى إليها وجاء عمرو بن العاص حتى دخل الفسطاط.