إلي الامر الذي بايعته فيه طمع مستيقن ولا يئست منه يأس من لا يرجوه، فلولا خاصة ما كان بينه وبين عمر لظننت أنه لا يدفعها عني.
فلما احتضر بعث إلى عمر فولاه فسمعنا وأطعنا وناصحنا وتولى عمر الامر فكان مرضي السيرة ميمون النقيبة حتى إذا احتضر قلت في نفسي: لن يعدلها عني ليس بدافعها عني فجعلني سادس ستة!!!.
فما كانوا لولاية أحد أشد كراهية منهم لولايتي عليهم فكانوا يسمعوني عند وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أحاج أبا بكر وأقول: يا معشر قريش إنا أهل البيت أحق بهذا الامر منكم أما كان فينا من يقرء القرآن ويعرف السنة ويدين بدين الحق.
فخشي القوم إن أنا وليت عليهم أن لا يكون لهم من الامر نصيب ما بقوا فأجمعوا إجماعا واحدا فصرفوا الولاية إلى عثمان وأخرجوني منها رجاء أن ينالوها ويتداولوها إذ يئسوا أن ينالوها من قبلي ثم قالوا: هلم بايع وإلا جاهدناك.
فبايعت مستكرها وصبرت محتسبا فقال قائلهم: يا ابن أبي طالب إنك على هذا الامر لحريص، فقلت: إنهم أحرص مني وأبعد، أينا أحرص؟ أنا الذي طلبت تراثي وحقي الذي جعلني الله ورسوله أولى به أم أنتم إذ تضربون وجهي دونه وتحولون بيني وبينه؟! فبهتوا والله لا يهدي القوم الظالمين.
اللهم إني استعديك على قريش فإنهم قطعوا رحمي وأصغوا إنائي وصغروا عظيم منزلتي وأجمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به منهم فسلبونيه ثم قالوا: ألا إن في الحق أن تأخذه وفي الحق أن تمنعه فاصبر كمدا أو مت أسفا وحنقا.
فنظرت فإذا ليس معي رافد ولا ذاب ولا ناصر ولا مساعد إلا أهل بيتي فضننت بهم عن المنية فأغضيت على القذى وتجرعت ريقي على الشجى وصبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم وألم للقلب من حز الشفار.
حتى إذا نقمتم على عثمان أتيتموه فقتلتموه ثم جئتموني لتبايعوني فأبيت عليكم وأمسكت يدي فنازعتموني ودافعتموني، وبسطت يدي فكففتها، ومددتموها فقبضتها، وازدحمتم علي حتى ظننت أن بعضكم قاتل بعض أو أنكم قاتلي فقلتم: بايعنا لا نجد غيرك ولا نرضى إلا بك بايعناك لا نفترق ولا تختلف