الحمد لله على ما قضى من أمر وقدر من فعل وابتلاني بكم أيتها الفرقة التي لا تطيع إذا أمرتها ولا تجيب إذا دعوتها، لا أبا لغيركم ماذا تنتظرون بنصركم والجهاد على حقكم؟! الموت خير من الذل في هذه الدنيا لغير الحق، والله إن جاءني الموت - وليأتيني فليفرقن بيني وبينكم - لتجدنني لصحبتكم قاليا.
ألا دين يجمعكم؟ ألا حمية تغيظكم؟ ألا تسمعون بعدوكم ينتقص بلادكم ويشن الغارة عليكم.
أو ليس عجبا أن معاوية يدعو الجفاة الطغام الظلمة فيتبعونه على غير عطاء ولا معونة فيجيبونه في السنة المرة والمرتين والثلاث إلى أي وجه شاء، ثم أنا أدعوكم وأنتم أولى النهى وبقية الناس [ف] تختلفون وتفترقون عني وتعصوني وتخالفون علي؟!
فقام إليه مالك بن كعب الأرحبي فقال: يا أمير المؤمنين اندب الناس معي فإنه لا عطر بعد عروس، لمثل هذا اليوم [كنت أدخر نفسي] وإن الاجر لا يأتي إلا بالكرة. ثم التفت إلى الناس وقال: اتقوا الله وأجيبوا إمامكم وانصروا دعوته وقاتلوا عدوكم إنا نسير إليهم يا أمير المؤمنين.
فأمر علي سعدا مولاه أن ينادي: ألا سيروا مع مالك بن كعب إلى مصر.
وكان وجها مكروها فلم يجتمعوا إليه شهرا فلما اجتمع له منهم ما اجتمع خرج بهم مالك فعسكر بظاهر الكوفة وخرج معه علي فنظر فإذا جميع من خرج نحو من ألفين فقال علي عليه السلام: سيروا والله ما أنتم؟! ما أخالكم تدركون القوم حتى ينقضي أمرهم.
فخرج مالك بهم وسار خمس ليال فقدم الحجاج بن غزية الأنصاري من مصر فأخبره بما عاين من هلاك محمد.
وقدم عبد الرحمان بن شبيب وكان عينا لعلي عليه السلام وأخبره أنه لم يخرج من الشام حتى قدمت البشر من قبل عمرو بن العاص يتبع بعضه بعضا بفتح مصر وقتل محمد بن أبي بكر وقال: يا أمير المؤمنين ما رأيت يوما قط سرورا مثل سرور رأيته بالشام حين أتاهم قتل محمد.
فقال علي عليه السلام: أما إن حزننا على قتله على قدر سرورهم به، لا بل