فقال معاوية: مه فإنه لا رأي لك فقال الوليد: أفمن الرأي أن يعلم الناس أن أحاديث أبي تراب عندك تتعلم منها؟ قال معاوية: ويحك أتأمرني أن أحرق علما مثل هذا والله ما سمعت بعلم هو أجمع منه ولا أحكم فقال الوليد: إن كنت تعجب من علمه وقضائه فعلام تقاتله؟ فقال: لولا أن أبا تراب قتل عثمان ثم أفتانا لاخذنا عنه ثم سكت هنيئة ثم نظر إلى جلسائه فقال: ألا لا نقول: إن هذه من كتب علي بن أبي طالب ولكن نقول هذه من كتب أبي بكر كانت عند ابنه محمد فنحن ننظر فيها ونأخذ منها.
قال: فلم تزل تلك الكتب في خزائن بني أمية حتى ولي عمر بن عبد العزيز فهو الذي أظهر أنها من أحاديث علي بن أبي طالب عليه السلام.
قال إبراهيم: فلما بلغ عليا [عليه السلام] أن ذلك الكتاب صار إلى معاوية اشتد عليه حزنا.
وروى عن عبد الله بن سلمة قال: صلى بنا علي صلوات الله عليه فلما انصرف قال:
لقد عثرت عثرة لا أعتذر * سوف أكيس بعدها وأستمر وأجمع الامر الشتيت المنتشر فقلنا ما بالك يا أمير المؤمنين؟ قال: إني استعملت محمد بن أبي بكر على مصر فكتب إلي أنه لا علم لي بالسنة فكتبت إليه كتابا فيه أدب وسنة فقتل وأخذ الكتاب.
قال إبراهيم فلم يلبث محمد بن أبي بكر شهرا كاملا حتى بعث إلى أولئك المعتزلين الذين كان قيس بن سعد مرادعا لهم فقال: يا هؤلاء إما أن تدخلوا في طاعتنا وإما أن تخرجوا من بلادنا فبعثوا إليه اننا لا نفعل فدعنا حتى ننظر إلى ما يصير أمر الناس فلا تعجل علينا فأبى عليهم فامتنعوا منه وأخذوا حذرهم ثم كانت وقعة صفين وهم لمحمد هائبون، فلما أتاهم خبر معاوية وأهل الشام ثم صار الامر إلى الحكومة [و] أن عليا وأهل العراق قد قفلوا عن معاوية والشام إلى عراقهم اجترؤا على محمد وأظهروا المنابذة له فلما رأى محمد