أعلمكم قبل وقوعها ولا أشاوركم فيها كيلا تفسد القضية بأن يحتال ذلك الشخص لصرف الحكم عنه، ولعدم توقف الحكم على المشاورة.
وقال ابن أبي الحديد: ثم ذكر أنه لا يؤخر لهم حقا عن محله يعني العطاء وأنه لا يقف دون مقطعه، والحق هاهنا غير العطاء بل الحكم قال زهير:
فإن الحق مقطعه ثلاث * يمين أو نفار أو جلاء أي متى تعين الحكم حكمت به وقطعت ولا أقف ولا أتحبس انتهى.
ويحتمل تعميم الحق في الموضعين أي ما يلزم لكم علي من عطاء أو حكم لا أؤخره عن محله ولا أقصر في الاتيان به، فالوقوف به قبل مقطعه ترك السعي في الاتيان به قبل تمامه.
684 - نهج البلاغة: ومن كتاب له عليه السلام إلى عماله على الخراج:
من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى أصحاب الخراج: أما بعد فإن من لم يحذر ما هو صائر إليه لم يقدم لنفسه ما يحرزها.
واعلموا أن ما كلفتم يسير وأن ثوابه كثير ولو لم يكن فيما نهى الله عنه من البغي والعدوان عقاب يخاف لكان في ثواب اجتنابه ما لا عذر في ترك طلبه فأنصفوا الناس من أنفسكم واصبروا لحوائجهم فإنكم خزان الرعية ووكلاء الأمة وسفراء الأئمة ولا تحشموا أحدا عن حاجته ولا تحبسوه عن طلبته ولا تبيعن للناس في الخراج كسوة شتاء ولا صيف ولا دابة يعتملون عليها ولا عبدا.
ولا تضربن أحدا سوطا لمكان درهم ولا تمسن مال أحد من الناس مصل ولا معاهد إلا أن تجدوا فرسا أو سلاحا يعدى به على أهل الاسلام فإنه لا ينبغي للمسلم أن يدع ذلك في أيدي أعداء الاسلام فيكون شوكة عليه.