وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والسلام على من اتبع الهدى وخشي عواقب الردى.
ثم طوى الكتاب وختمه ودعى رجلا من أصحابه يقال له الطرماح بن عدي بن حاتم الطائي وكان رجلا جسيما طويلا أديبا لبيبا فصيحا لسنا متكلما لا يكل لسانه ولا يعيى عن الجواب فعممه بعمامته ودعى له بجمل بازل وثيق فائق أحمر فسوى راحلته ووجهه إلى دمشق فقال له: يا طرماح انطلق بكتابي هذا إلى معاوية بن أبي سفيان وخذ الجواب.
فأخذ الطرماح الكتاب وكور بعمامته وركب مطيته وانطلق حتى دخل دمشق فسأل عن دار الامارة فلما وصل إلى الباب قال له الحجاب من بغيتك؟
قال: أريد أصحاب الأمير أولا ثم الأمير ثانيا فقالوا له: من تريد منهم؟ قال:
أريد جعشما وجرولا ومجاشعا وباقعا - وكان أراد أبا الأعور السلمي وأبا هريرة الدوسي وعمرو بن العاص ومروان بن الحكم - فقالوا: هم بباب الخضراء يتنزهون في بستان.
فانطلق وسار حتى أشرف على ذلك الموضع فإذا قوم ببابه فقالوا: جاءنا أعرابي بدوي دوين إلى السماء تعالوا نستهزئ به فلما وقف عليهم قالوا: يا أعرابي هل عندك من السماء خبر؟ فقال: بلى الله تعالى في السماء وملك الموت في الهواء وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب في القفاء فاستعدوا لما ينزل عليكم من البلاء يا أهل الشقاوة والشقاء. قالوا: من أين أقبلت؟ قال: من عند حر تقي نقي زكي مؤمن رضي مرضي.
فقالوا: وأي شئ تريد؟ فقال: أريد هذا الدعي الردي المنافق المردي الذي تزعمون أنه أميركم فعلموا أنه رسول أمير المؤمنين علي عليه السلام إلى معاوية فقالوا: هو في هذا الوقت مشغول. قال: بماذا بوعد أو وعيد؟ قالوا: لا ولكنه يشاور أصحابه فيما يلقيه غدا قال: فسحقا له وبعدا.
فكتبوا إلى معاوية بخبره: أما بعد فقد ورد من عند علي بن أبي طالب رجل أعرابي بدوي فصيح لسن طلق ذلق يتكلم فلا يكل ويطيل فلا يمل فأعد لكلامه جوابا بالغا ولا تكن عنه غافلا ولا ساهيا والسلام.