كتب الله لكم) * [1 / المائدة] فكان من جوابهم ما قص الله في كتابه: * (إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يحرجوا منها فإن يحرجوا منها فإنا داخلون) * [22 / المائدة: 5] قال موسى " رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين ".
فاحتذت هذه الأمة ذلك المثال سواء وقد كانت لهم فضائل وسوابق مع رسول الله صلى الله عليه وآله ومنازل بينة قريبة منه مقرين بدين محمد والقرآن حتى فارقهم نبيهم صلى الله عليه وآله فاختلفوا وتفرقوا وتحاسدوا وخالفوا إمامهم ووليهم حتى لم يبق منهم على ما عاهدوا عليه نبيهم غير صاحبنا الذي هو من نبينا بمنزلة هارون من موسى ونفر قليل اتقوا الله عز وجل على دينهم وإيمانهم ورجع الآخرون القهقرى على أدبارهم كما فعل أصحاب موسى عليه السلام باتخاذهم العجل وعبادتهم إياه وزعمهم أنه ربهم وإجماعهم عليه غير هارون وولده ونفر قليل من أهل بيته ونبينا صلى الله عليه وآله قد نصب لامته أفضل الناس وأولاهم وخيرهم ثم الأئمة واحدا بعد واحد بغدير خم وفي غير موطن واحتج عليهم به وأمر بطاعتهم وأخبرهم أن أولهم علي بن أبي طالب منه بمنزلة هارون من موسى وأنه ولي كل مؤمن من بعده وأنه من كان هو وليه ومن أولى به من نفسه فعلي أولى به وأنه خليفته فيهم ووصيه وأن من أطاعه أطاع الله ومن عصاه عصى الله ومن والاه والى الله ومن عاداه عادى الله فأنكروه وجعلوه وتولوا غيره.
يا معاوية أما علمت أن رسول الله حين بعث إلى مؤتة أمر عليهم جعفر بن أبي طالب عليه السلام ثم قال: إن هلك جعفر فزيد بن حارثة فإن هلك زيد فعبد الله بن رواحة ولم يرض لهم أن يختاروا لأنفسهم أفكان يترك أمته ولا بين لهم خليفته فيهم بعده بلى والله ما تركهم في عمى ولا شبهة بل ركب القوم ما ركبوا بعد نبيهم وكذبوا على رسول الله صلى الله عليه وآله فهلكوا وهلك من شايعهم وضل من تابعهم فبعدا للقوم الظالمين.
فقال معاوية: يا ابن عباس إنك لتتقوه بعظيم والاجتماع عندنا خير من