فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا إن الله يحب المقسطين) * (8 / الحجرات: 49] لا يتعلق بقتال البغاة بالمعنى المعروف لما عرفت من كفرهم، وإطلاق المؤمن عليهم باعتبار ما كانوا عليه بعيد.
وظاهر الآية الآتية وهي قوله تعالى: * (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم فاتقوا الله لعلكم ترحمون) * بقاء المذكورين في الآية السابقة على الايمان ولعله السر في خلو أكثر الاخبار عن الاحتجاج بهذه الآية في هذا المقام فتكون الآية مسوقة لبيان حكم طائفتين من المؤمنين تعدى وبغت إحداهما على الأخرى لأمر دنيوي أو غيرهما مما لا يؤدي إلى الكفر.
[المقام] الثاني فيما اغتنمه المسلمون من أموال البغاة فذهب بعض الأصحاب إلى أنه لا يقسم أموالهم مطلقا.
وذهب بعضهم إلى قسمة ما حواه العسكر دون غيره من أموالهم وتمسك الفريقان بسيرته (عليه السلام) في أهل البصرة.
قال الأولون: لو جاز الاغتنام لم يرد عليه السلام عليهم أموالهم وقد روي أنه (عليه السلام) نادى من وجد ماله فله أخذه. فكان الرجل منهم يمر بمسلم يطبخ في قدره فيسأله أن يصبر حتى ينضج فلا يصبر فيكفأها ويأخذها وأنه كان يعطي من القوم من له بينة، ومن لم يكن له بينة فيحلفه ويعطيه.
وقال الآخرون: لولا جوازه لما قسم (عليه السلام) أموالهم أولا بين المقاتلة وقد كان ردها عليهم بعد ذلك على سبيل المن لا الاستحقاق كما من النبي صلى الله عليه وآله على كثير من المشركين وقد رووا عنه (عليه السلام) أنه قال: " مننت على أهل البصرة كما من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على أهل مكة " ولذا ذهب بعض أصحابنا إلى جواز استرقاقهم كما جاز للرسول صلى الله عليه وآله في أهل مكة والمشهور [بين علمائنا] عدمه.
والذي نفهم من الاخبار أنهم واقعا في حكم المشركين وغنائمهم وسبيهم.
في حكم غنائم المشركين وسبيهم والقائم (عليه السلام) يجري تلك الأحكام