لما أرادت عائشة الخروج إلى البصرة كتبت إليها أم سلمة رحمة الله عليها زوجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أما بعد فإنك سدة بين رسول الله وبين أمته وحجابه المضروب على حرمته وقد جمع القرآن ذيلك فلا تندحيه وسكن عقيراك فلا تصحريها، الله من وراء هذه الأمة وقد علم رسول الله مكانك لو أراد أن يعهد إليك لفعل، وقد عهد فاحفظي ما عهد ولا تخالفي فيخالف بك.
واذكري قوله في نباح كلاب الحوأب، وقوله: ما للنساء والغزو، وقوله:
انظري يا حميراء أن لا تكوني أنت علت (1) بل قد نهاك عن الفرطة في البلاد.
إن عمود الاسلام لن يثأب بالنساء إن مال، ولن يرأب بهن إن صدع، حماد يأت النساء غض الابصار وخفر الاعراض وقصر الوهازة.
ما كنت قائلة لو أن رسول الله عارضك ببعض الفلوات ناصة قلوصا من منهل إلى آخر إن بعين الله مهواك وعلى رسوله تردين وقد وجهت سدافته وتركت عهيداه.
لو سرت مسيرك هذا ثم قيل لي: ادخلي الفردوس لاستحييت أن ألقى رسول الله هاتكة حجابا قد ضربه علي فاتقي الله [و] اجعلي حصنك بيتك ورباعة الستر قبرك حتى تلقيه وأنت على تلك الحال أطوع ما تكونين لله ما لزمته وأنصر ما تكونين للدين ما جلست عنه، لو ذكرتك بقول تعرفينه لنهشت نهش الرقشا المطرق.
فقالت عائشة: ما أقبلني لوعظك وما أعرفني بنصحك وليس الامر على ما تظنين ولنعم المسير مسيرا فزعت إلي فيه فئتان متشاجرتان إن أقعد ففي غير حرج وإن أنهض فإلى ما لابد من الازدياد منه.
فقالت أم سلمة:
لو كان معتصما من زلة أحد * كانت لعائشة العتبى على الناس