بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ١٨١
جعل إليكم مهاجرته، وفيكم محل أزواجه، فليس أحد من الناس بعد المهاجرين الأولين بمنزلتكم، فهم الامراء وأنتم الوزراء.
فقام الحباب بن المنذر الأنصاري فقال: يا معشر الأنصار أملكوا على أيديكم وإنما الناس في فيئكم وضلالكم، ولن يجترئ مجترئ على خلافكم، ولن يصدر الناس إلا عن رأيكم، وأثنى على الأنصار، ثم قال: فان أبي هؤلاء تأميركم عليهم، فلسنا نرضى تأميرهم علينا، ولا نقنع بدون أن يكون من أمير ومنهم أمير.
فقام عمر بن الخطاب فقال: هيهات لا يجتمع سيفان في غمد واحد، إنه لا ترضى العرب أن تؤمركم ونبيها من غيركم، ولكن العرب لا تمتنع أن تولي أمرها من كانت النبوة فيهم، ولنا بذلك على من خالفنا الحجة الظاهرة، والسلطان البين، فما ينازعنا في سلطان محمد (صلى الله عليه وآله) ونحن أولياؤه وعشيرته إلا مدل بباطل أو متجانف لاثم، أو متورط في الهلاكة محب للفتنة.
فقام الحباب بن المنذر ثانية فقال: يا معاشر الأنصار أمسكوا على أيديكم، ولا تسمعوا مقالة هذا الجاهل وأصحابه، فيذهبوا بنصيبكم من هذا الامر، وإن أبو أن يكون منا أمير ومنهم أمير، فأجلوهم عن بلادكم، وتولوا هذا الامر عليهم، فأنتم والله أحق به منهم، فقد دان بأسيافكم قبل هذا الوقت من لم يكن يدين بغيرها، وأنا جذيلها المحك وعذيقها المرجب، والله لئن رد أحد قولي لأحطمن أنفه بالسيف.
قال عمر بن الخطاب: فلما كان الحباب هو الذي يجيبني لم يكن لي معه كلام، فإنه جرت بيني وبينه منازعة في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فنهاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن مهاترته فحلفت أن لا أكلمه أبدا، ثم قال عمر لأبي عبيدة:
يا أبا عبيدة تكلم فقام أبو عبيدة بن الجراح وتكلم بكلام كثير ذكر فيه فضايل الأنصار فكان بشير بن سعد (1) سيدا من سادات الأنصار، لما رأى اجتماع الأنصار على سعد .

(1) قد مر في ص 111 أن بشيرا هذا كان من أصحاب الصحيفة المعهودة
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»
الفهرست