تجري والأطيار يتجاوبن (1) على الأشجار فحين رأته (2) الأطيار أتت ترفرف حوله حتى توسطنا البستان، وإذا سرير عليه شاب ملقى على ظهره واضع يده على صدره.
فأخرج أمير المؤمنين عليه السلام الخاتم من جيبه، وجعله في إصبع سليمان بن داود فنهض قائما وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، ووصي رسول العالمين، أنت والله الصديق الأكبر والفاروق الأعظم، قد أفلح من تمسك بك وقد خاب وخسر من تخلف عنك، وإني سألت الله عز وجل بكم أهل البيت فأعطيت ذلك الملك.
قال سلمان: فلما سمعنا (3) كلام سليمان بن داود لم أتمالك نفسي حتى وقعت على أقدام أمير المؤمنين عليه السلام اقبلها، وحمدت الله عز وجل على جزيل عطائه بهدايته إلى ولاية أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وفعل (4) أصحابي كما فعلت، ثم سألت أمير المؤمنين ما وراء قاف، قال عليه السلام: وراؤه ما لا يصل إليكم علمه، فقلنا: تعلم (5) ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال عليه السلام: علمي بما وراءه كعلمي بحال هذه الدنيا وما فيها، وإني الحفيظ الشهيد عليها بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وكذلك الأوصياء من ولدي بعدي.
ثم قال عليه السلام: إني لأعرف بطرق السماوات من طرق الأرض، نحن الاسم المخزون المكنون، نحن الأسماء الحسنى التي إذا سئل الله عز وجل بها أجاب، نحن الأسماء المكتوبة على العرش، ولأجلنا خلق الله عز وجل السماء (6) والأرض و العرش والكرسي والجنة والنار، ومنا تعلمت الملائكة التسبيح والتقديس والتوحيد